الخميس, نوفمبر 21, 2024
تقاريرسياسةمجتمع

الشرطة والاحتجاجات السلمية.. انتهاكات في ميزان العدالة

الخرطوم: هيام تاج السر
جملة من الانتهاكات ارتكبها شرطيون في مواجهة المواطنين خلال ثورة ديسمبر، واستمرت تلك الانتهاكات بعد انقلاب (25) أكتوبر الماضي ومن بينها انتهاكات طالت نساء.
وشملت الانتهاكات التي طالت نساء العنف الجنسي واللفظي والبدني والاعتقال والحبس في ظروف غير إنسانية واستمرار الحبس والتهديد بفحص العذرية، الأمر الذي كانت له آثار نفسية وبدنية على من انتهكت حقوقهن.
نظرة قانونية
وضعت (مدنية نيوز) تلك الانتهاكات في ميزان القانون لبيان مدى مخالفتها، وقال مصدر نيابي لـ (مدنية نيوز) أمس، إن الأصل هو أن تباشر النيابة مرحلة التحري وتقوم الشرطة بالتحري استثناءً لأسباب تتعلق بالقانون من جانب ولقلة عدد وكلاء النيابة في السودان من جانب آخر، ونبه لأهمية التزام الشرطة بكل ما تكتبه النيابة في يومية التحري من حيث الأصول، وأضاف: (لكن ظهرت مؤخراً ظاهرة تدخل قيادات بالشرطة بإلزام منسوبيها من صغار الضباط والصفوفيين منهم باستمرار حبس المتظاهرين المتهمين في البلاغات تحت المادتين “٧٧/٦٩” المتعلقتين بالإزعاج العام والإخلال بالسلامة العامة من القانون الجنائي).
وأوضح المصدر النيابي أنه قبل الاستمرار بحبس المتهمين من قبل الشرطة كانت تستغل حالة الطوارئ لذات الإجراء – استمرار الحبس- ووصف الإجراء بالمخالف للقانون، واستند على ذلك بأنه رغم صدور قرار بحالة الطوارئ لم تحدد لها أقسام شرطة أو تكليف نيابة بها أو محكمة للفصل في ما يصدر من أفعال المتهمين بالقرار التنفيذي الذي يصدره الوالي.
أوضاع المنتظرين/ات وعن أوضاع المنتظرين أو المنتظرات في الحراسات اعتبرها المصدر النيابي غير مطابقة لأية مواصفات إلا في أقسام شرطة محددة تجدها في مركز العاصمة الخرطوم.
وكانت متابعات (مدنية نيوز) قد كشفت عن شكاوى من أوضاع عدد من الحراسات تتعلق بضيق المساحات واكتظاظ المنتظرين أو المنتظرات بها وعدم وجود حمامات أو وجود طفح في الحمامات المتوفرة وقلة عددها وضعف التهوية والإضاءة، وتقارب المساحة بين محابس النساء والرجال، وعدم توفر مياه الشرب والوجبات.
وأفاد المصدر النيابي أن ذلك (الوضع المخل يخضع له المتهمون والمتهمات على خلفية الأحداث الاحتجاجية على السلطة وغيرهم في حالة إلقاء القبض عليهم.
النساء والقسوة
وحول أوضاع النساء داخل العديد من الحراسات قال ذات المصدر إن الأمر لا يختلف عن الرجال إلا بمقدار القسوة، وزاد: (تفصل الحراسات سياجات لا تحميهن من سلوك المنتظرين وتحرشهم وممارسات أخرى لا يجب أن يطلعن عليها، بالإضافة إلى عدم وجود حمامات مستقلة في حالات أو نحو ذلك، وواصل: (يمكن أن ترى النساء الموجودات في حراسات من يخلع ملابسه أو يتبول).
مسؤولية
وفي سياق متصل بأوضاع الحراسات والجهة المسؤولة عنها، لفت المصدر النيابي في إفادته لـ (مدنية نيوز) إلى أن الحراسات مسؤولية وزارة الداخلية، وأردف: (أما المنتظرون فهم تحت مسؤولية النيابة طالما هي الجهة الوحيدة التي يحق لها الإفراج، مع أن الشرطة تملك سلطة القبض).
التهديد بفحص العذرية
ورداً على سؤال حول تهديد متهمات على خلفية أحداث متعلقة بالاحتجاجات السلمية بفحص العذرية، اعتبر المصدر التهديد انتهاكاً صريحاً، وأبان أن الفحص يتم في مرحلة قانونية واحدة تتعلق بالإحالة للمحكمة لأن القاضي لا يستلم المنتظرة دون إجراء فحص الحمل وليس العذرية لأهميته في مرحلة تحديد العقوبة في حالة الإدانة سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة.
دور النيابات
وعن قيام النيابات بدورها القانوني في تحقيق العدالة رأى المصدر أن النيابات كغيرها من المؤسسات لا يمكن الحكم عليها بالمُطلق، لأن فيها من يقوم بدوره ومن يقصر في أداء الواجب المطلوب، وقال: (لكن في الغالب تلتزم النيابات الرئيسية بدورها)، وأشار إلى وجود تعامل باحترافية أقل في بعض النيابات الطرفية، ونوه إلى أن غياب النيابة في كثير من الحالات عن المرور بالحراسات بشكل يومي هو ما جعل الأمر نسبياً في يد الشرطة، وتمسك بضرورة قيام النيابات بدورها في مراجعة المقبوض عليهم حسب دفتر القيد يومياً.
واعتبر المصدر أن القبض على المحتجين سلمياً فيه مصادرة لحق التعبير، ورهن القبض بارتباط التعبير بجريمة، وشدد على ضرورة القبض على مرتكبي الجرائم أثناء الاحتجاجات حتى لا تستغل في إحداث ربكة مجتمعية أخرى، وتابع: (في جميع الأحوال يجب أن يكون الحق في الضمانة للمقبوض عليهم أو عليهن موازياً للحق في القبض من الشرطة، ويجب أن يرتبط القبض بالبيّنة)، وشبّه القبض على المتهم وإيداعه الحراسة وغياب من أحضره في مراحل التحري والمحاكمة بالقبض الذي يمارس بأوامر الوالي دون ضوابط.
حق التقاضي والتعويض
وفيما يتعلق باستهداف منازل الناشطات أو الناشطين من قبل عناصر شرطية بإطلاق الغاز المسيل للدموع والتسبب في أضرار تبعاً لذلك ذكر المصدر النيابي أن القانون لا يفرق بين استهداف أية منازل سواء كانت لناشطين أو ناشطات أو غيرهم، ولفت إلى أن ذلك الفعل يشكل جريمة في كل الأحوال، وقال: (التفرقة بين منزل الناشطين أو غيرهم فقط تقود إلى سهولة الإثبات لأن منزل الناشط يكون معلوماً للجهة التي نفذت الاستهداف وهنا عنصر ثبوت الجريمة يكون أعلى من غيره).
وأشار المصدر إلى أن التعويض عن الأضرار حال حدوثها وثبوتها مسؤولية مدنية، وأكد جواز تقدم المتضرر بطلب تعويض للمحكمة الجنائية من خلال سلطتها المدنية وفقاً للمادة (204) من قانون الإجراءات الجنائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *