تداعيات انقطاع خدمات الاتصالات والانترنت على الاقتصاد (5)
بقلم: بخيتة محمد عثمان
لا للحرب… نعم للسلام.. لازم تقيف
كما ذكرت في مقالاتي السابقة بأن للحرب تداعيات سلبية وكارثية على الاقتصاد وأكدت كل ما ذكرت دراسة المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية والتي جاء فيها ” خسائر الاقتصاد السوداني بنهاية العام 2023 قدرت ب 15 مليار دولار ما يعادل 48% من الناتج المحلي الإجمالي “، وبحسب الدراسة أيضا انخفض الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الحقيقي (صناعي، خدمي، زراعي)، بنسبة 70%، 49%، 21% على التوالي. وبهذه النسب الكارثية في القطاع الحقيقي لوحده، تكون نصف القوة العاملة السودانية قد فقدت وظائفها (5,2 مليون وظيفة). ومما زاد الطين بله، توجد تداعيات خطيرة على الاقتصاد نجمت عن خروج معظم مناطق السودان من تغطية شبكات الاتصالات والانترنت مما أثر سلبا على قطاعات الاقتصاد الحيوية، كتوقف أنشطة القطاع المصرفي، وخدمات التحصيل الجمركي، وقطاع الطيران والموانئ والصادرات والواردات وغيرها، هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن الحرب عملت على تقليص تغطية بعض شركات الاتصالات في السودان إلى أقل من20% نتيجة تحول مزودات الخدمة الرئيسية من الخرطوم العاصمة وتدمير بعض محطات الربط الشبكي جراء المعارك المستمرة، ويعتبر قطاع الاتصالات من بين القطاعات الأكثر تضررا من هذه الحرب العبثية بسبب الدمار والخراب الذي لحق ببنيته التحتية. وسأصوغ هنا مثالين لمعرفة هذا الدمار الذي لحق بالاقتصاد من توقف خدمات الاتصالات والانترنت، أولا: بعد اندلاع الحرب وفقدان غالبية السكان لمصادر دخلهم بسبب التهجير والنزوح وفقدان المأوى اعتمد معظمهم على التطبيقات الإلكترونية عبر الهاتف كبنكك أو تحويلات المغتربين في سحب وإبداع وإرسال الأموال لأهلهم المتضررين والمهددين بالجوع، ومع توقف خدمات الدفع الإلكتروني قطعا ستتأثر قطاعات واسعة من السكان ويكونون عرضة للجوع والمسغبة والفقر والموت، لا قدر الله، فتبا للحرب! وثانيا: ذكرت بعض لجان الطوارئ التي تقدم الخدمات الإنسانية والصحية للعالقين في مناطق الحرب، ” بأن قطع شبكات الاتصالات تسبب في تعطيل توصيل الأدوية المنقذة للحياة وأغذية الأطفال وعناصر ما تستخدمه النساء للمحافظة على صحتهن الإنجابية والبدنية “. وهذا المثال يبرز حجم الكارثة التي حلت بهذه الفئات والموت والهول الذي ينتظرهم، كفئات هشة لا حول ولاقوة لهم.
وأخيرا ومن كل ما ورد فإن انقطاع الاتصالات والانترنت سيضاعف من الأزمات التي يعاني منها اقتصاد السودان المنهار أصلا بسبب الحرب وتداعياتها عليه، حيث يجعل من المستحيل تقديم خدمات إلكترونية، ويقدر الخبراء الاقتصاديون تكلفة خدمة الاتصالات والانترنت بعشرات الملايين من الدولارات، مما يعتبر تدمير لواحدة من أهم قطاعات البنية التحتية في عصر التكنلوجيا والتي بسببها ستتوقف الحياة الاقتصادية والأصلا هي واقفة بسبب تداعيات الحرب المستمرة.