في اليوم العالمي لحقوق.. السودان قتل واغتصاب واعتقال وجوع
تقرير: أسعد أدهم الكامل
يفتقد السودانيين ،والسودانيات للعام الثاني علي التوالي الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف العاشر من ديسمبر من كل عام ،وكان المدافعين عن حقوق الإنسان بالعاصمة الخرطوم والمدن الأخري ينفذوا فعاليات تتزامن مع الحدث العالمي الحقوقي كما درج الأتحاد الأوربي علي تنظيم فعالية واسعة يدعو لها الحقوقيين،وتكريم عدد منهم لاسهاماتهم في تعزيز حركة حقوق الانسان، ومن بين الذين يتم تكريمهم صحفيين وأطباء ومحاميين ولجان المقاومة والناشطيين في شارع الحوادث وغيرهم لكن حرب 15 أبريل الكارثية تسببت في فقدان تلك المناسبة وقيامها بالعاصمة الخرطوم.
الموت والجوع:
وكشفت التقديرات إلى أن عدد السودانيين الذين قُتلوا بشكل مباشر، وغير مباشر خلال الحرب الحالية المستمرة منذ (20) شهراً يبلغ نحو 130 ألفا،وقال تقرير أصدره باحثون من بريطانيا والسودان أطلع عليه سودانس ريبورترس قال التقرير ان التقديرات أظهرت أن أكثر من (61) ألف شخص لقوا حتفهم في ولاية الخرطوم خلال أول (14) شهراً من الحرب في السودان، مع وجود دلائل تشير إلى أن العدد الإجمالي قد يكون أعلى بكثير مما تم تسجيله سابقاً،وتضمنت التقديرات نحو (26) ألف شخص لقوا حتفهم نتيجة إصابات خطيرة ناجمة عن العنف، وهو رقم يفوق ما تذكره الأمم المتحدة حالياً فيما يخص الحصيلة في البلاد بالكامل. تشير مسودة الدراسة التي أصدرتها مجموعة أبحاث السودان في كلية لندن للصحة العامة وطب المناطق الحارة ، إلى أن الجوع الشديد، وإنتشار الأمراض قد أصبحاً من العوامل الرئيسية المساهمة في الوفيات المعلن عنها في مختلف مناطق السودان، وأفاد الباحثون بأن تقديرات عدد الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب في ولاية الخرطوم أعلى بنسبة 50% من المتوسط المسجل على مستوى البلاد قبل انطلاق الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023م
إعتقالات جماعية:
وتنقل مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي عن وفاة مدنيين بمعسكرات الدعم السريع التي تنشر بمكان سيطرتها ،وتضم تلك المعتقلات رجال ونساء لم يسمح لذويهم بزيارتهم ومعرفة أحوالهم الصحية، بينما تكشف بيانات لجان المقاومة عن إعتقالات طالات ناشطيين من لجان المقاومة ومدنيين تم الزج بهم في معتقلات القوات المسلحة، وغالبية الذين يتم إعتقالهم يتم توقيفهم حال خروجهم من مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وأخرين تمت محاكمتهم بتهمة التعاون من الدعم السريع،هذه الانتهاكات الممنهجة من قبل طرفي الحرب لحقوق الانسان ظلت مستمرة طوال فترة النظام المدحور الذي أسس بيوت الأشباح التي عذب وقتل فيها سياسيين، وطلاب ومدافعين عن حقوق الإنسان والإطباء والصحفيين وشجع سياسة الإفلات من العقاب التي نفذها النظام السابق قبل الاطاحة به وقبل الخلاف بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع علي إرتكاب جرائم فظيعة في دارفور والخرطوم في فض اعتصام القيادة العامة ومواجهة الثوار بعنف دامي وإغتيال لشهداء ،وشهيدات ثورة ديسمبر المجيدة،وشملت تلك الإنتهاكات التي تتنافي مع القانون الدولي الإنساني القصف بالطيران للمدنيين، والتدوين المدفعي الثقيل للقري الأمنة، فضلاً عن الهجمات على المنشآت المدنية مثل المستشفيات والمدارس ،وتدميرونهب المشاريع الزراعية مثل مشروع الجزيرة والمناقل ومصنع سكر سنار ،وتجاهل طرفي النزاع لمطالبات المجتمع المدني والقوي السياسية الداعية لوقف الحرب وحماية المدنيين ،وإلتزام كافة أطراف النزاع بتأمين حرية التنقل والحيلولة دون المزيد من تدهور الأزمة الإنسانية الخطيرة من خلال استعادة تأمين الطرق، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمتضرريين من المدنيين الذين مازالوا طوال (20) شهراً لا يزالوا ضحايا المعاملة الوحشية والمهينة، إذ تواصل أطراف النزاع منع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى وجهتها، وتستخدم الاغتصاب والغذاء كسلاح حرب، فضلًا عن تجنيد الأطفال، وتنعدم الحريات الأساسية في ظل إستمرار القيود المفروضة على حرية التعبير، وحرية العقيدة والحرمان التعسفي من الحرية الشخصية،وحرية التنقل، وتتواصل إنتهاكات الإخفاء القسري، وترهيب النساء والصحفيين والنشطاء والإطباء والطبيات ،والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والأقليات. فبدلاً من التستر على هذه الجرائم، وعرقلة جهود توثيقها والتحقيق فيها، يجب أن يضمن نظام حقوق الإنسان العالمي المساءلة عن هذه الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي، بعد توثيقها بشكل مستقل من قبل مجموعة من الخبراء المستقلين. مثل هذا الإجراء القوي سيؤدي إلى السلام الدائم الذي يستحقه السودانيين
الإختفاء القسري:
ويعتبر الاختفاء القسري في السودان من أكثر الملفات تعقيداً، لأنه لا يقتصر على فترة زمنية محددة فقد ارتكب النظام المدحور الذي سطي علي السلطة عبر إنقلابه العسكري علي النظام الديمقراطي في العام 1989م فقد نفذ إنتهاكات متعلقة بالإختفاء القسري ضد أفراد على أساس معتقداتهم السياسية أو إنتماءاتهم الدينية أو معارضتهم للسلطة، اُرتُكبت حالات إختفاء قسري خلال دورات الحرب في السودان التي شنها النظام المدحور في جنوب السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق قبل إستقلاله من الدولة الأم في العام 2011م حيث رافقت تلك الحرب شعارات جهادية ودينية ، وعندما إندلعت الحرب في دارفور في العام 2003م نفذ حزب المؤتمر الوطني ومليشياته المتحالفة معه جرائم الاخفتاء القسري بحق المدنيين في دارفور مازالوا مفقودين حتي اليوم ،ثم جاءت الحرب للمرة الثانية التي إندلعت في جبال النوبة والنيل الأزرق في العام 2011م حيث مارس النظام الدكتاتوري سلسلة من عملية الإختفاء القسري بحق المدنيين في المنطقتيين، ومع هبة ثورة ديسمبر وانتظام المواكب في الشوارع وتنفيذ اعتصام القيادة العامة قبل فضه بجريمة وحشية انتقم النظام من الثوار وشرع في تنفيذ سياسة الاختفاء القسري للانتقام من الثوار والمعارضين والتخلص منهم.