الجمعة, نوفمبر 22, 2024
تقاريرسياسة

مشروع قانون الحكم الإقليمي لدارفور.. الكشف عن مخالفات للوثيقة الدستورية واتفاق السلام

 الخرطوم: حسين سعد

صوب خبراء قانونيون انتقادات لمشروع قانون الحكم الإقليمي لدارفور، ودفعوا بملاحظات حول أبرز المواد، واعتبروا أنه يتضمن جملة من الأخطاء.

وأبدى الخبراء في ورشة المنبر القانوني حول مناقشة تقرير قانون نظام الحكم الإقليمي في دارفور لسنة 2021م، التي نظمها المنبر القانوني بالتعاون مع المعهد الديمقراطي الوطني بفندق كانون اليوم، أبدوا ملاحظتهم على أبرز المواد وأشاروا إلى أن القانون يخلو من إبراء الذمة وبه العديد من الأخطاء، ورأوا أن  صياغة القانون تمت خارج إطار الدولة الحالي.

ورأى أولئك الخبراء أن مشروع قانون نظام الحكم في دارفور لا يرتقي لتحقيق أهداف الثورة وقيادة المرحلة الجديدة عقب الثورة، وحذروا من أن تؤدي أخطأ القانون إلى نزاعات جديدة، وشددوا على أن مشروع القانون مخالف للوثيقة الدستورية، كما أنه تجاهل تحديد علاقات الإقليم بالمستوى الولائئ والمحلي، وأوضحوا أن القانون سكت عن إعفاء حاكم الإقليم في وقت منح القانون الحاكم عزل الوزراء وحل الحكومة دون رقابة ولا إشراف.

التزام بدعم الانتقال:

في كلمتها الافتتاحية أكدت ممثلة المنبر عفاف أرباب، التزام المنبر بدعم الانتقال الديمقراطي بالبلاد، ولفتت إلى أن المنبر منذ تأسيسه ظل يدعم القضايا التي تهم الجماهير، ومن ثم استعرضت مشروع قانون نظام الحكم الإقليمي لدارفور لسنة 2021م وفصوله، بجانب اختصاصات حكومة الإقليم والاختصاصات المشتركة.

ومن جانبه قال مدير البرامج بالمعهد الديمقراطي الوطني رافت عباس، إنهم يعملوا مع الحكومة الانتقالية والمجتمع المدني من أجل دعم الانتقال الديمقراطي، وأضاف: (نحن حريصون للتعامل مع الجميع).

وعقب ذلك قدمت المنصة المحامية سلوى أبسام، التي لفتت أثناء تقديمها للتقرير للمنهجية التي تم اتباعها أثناء مراجعة مشروع القانون وفق المنهج العلمي، حيث قامت  المجموعة بقراءة متأنية لمشروع القانون لاسيما عناصر النصوص القانونية ومصادرها، وحيثيات النص وظروف نشأته وتقنينه ومدى انعكاسه على أوضاع المجتمع اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً، وسبر أغوار روح النصوص لمعرفة  الهدف التشريعي من تقنينها، ومدى مواءمتها مع المبادئ الدستورية في إطار الوثيقة الدستورية لسنة 2019م واتفاق سلام جوبا.

 قانون سابق لأونه ولا يحقق أهدافه:

وقالت سلوى، إن مشروع القانون المقترح الذي تمت إجازته من قبل مجلس الوزراء لا يحقق أياً من المبادئ أو المعايير التي يمكن أن يؤسس عليها نظام الحكم في الإقليم، وفق ما ورد باتفاقية مسار دارفور تقاسم السلطة المواد 3/11/ 17، كما أنه لا يحقق الأهداف التي يرجى من مشروع القانون تحقيقها خاصة وأنه لم تتم الإشارة إلى أنه قانون انتقالي أو مؤقت. وأشارت سلوى، إلى مخالفة مشروع القانون للوثيقة الدستورية المعدلة في 2020م التي اقترحت إعداد دستور للإقليم، واعتبرت أن مشروع القانون سابق لأوانه لحزمة من الأسباب من بينها أن الوثيقة الدستورية حددت (3) مستويات للحكم وربطت المتغيرات وفق منصوص المادة (9) من الوثيقة الدستورية لسنة 2019م الفقرة (3) إلى حين النظر في التقسيم الجغرافي وتوزيع السلطات والاختصاصات بين مستويات الحكم، وأبانت أن كل ذلك مرتبط بانعقاد مؤتمر الحكم، حيث أن الاتفاقية نصت على سلطات واختصاصات الاقليم بصفة عامة، وأرجأت التقسيم الجغرافي وتوزيع السلطات بين مستويات الحكم والبت في مستويات الحكم نفسها والهياكل  للمؤتمر.

وتابعت: إلا أنها عادت ونصت  في المادة 25/ 4 /5 في حالة تعذر قيام مؤتمر الحكم في الموعد المحدد يتم إصدار قرار لتفعيل حكومة إقليم دارفور بكامل سلطاتها وصلاحياتها (دون توضيح كيفية التفعيل)، كما لم توصف الآلية لتفعيل سلطات وصلاحيات الإقليم في المصفوفة التنفيذية المرفقة بالاتفاقية، وأوضحت أنه ورد بالاتفاق أن قرار تفعيل الصلاحيات يكون بعد 30 يوماً بعد انعقاد مؤتمر الحكم لتبدو المصفوفة وكأنها فرقت بين قرار تفعيل الحكومة وقرار تفعيل صلاحيات الإقليم، و(في ذلك تضارب واضح وبالإمكان معالجته بترتيب الأولويات).

مخالفة الوثيقة والاتفاقية:

وأوضحت سلوى، أن مشروع  القانون تجاهل تحديد علاقات الإقليم بالمستوى الولائي والمحلي إلى حين مناقشتها في مؤتمر نظام الحكم، وأردفت: (بالنظر لضرورة تحديد العلاقات لإدارة الإقليم، وبدونها تنشأ حالة سيولة وتكريس للسلطات في يد الحاكم، مما يجعلها تساهم في عدم الاستقرار الأمني والسياسي في الإقليم بسبب غياب النص على تحديد السلطة الإشرافية في مشروع القانون وآليات ضبط العلاقات مع المستوى الاتحادي)، ومثلت لذلك بحالة اندلاع اضطرابات أمنية  أو أياً من الأسباب التي قد تعرض وحدة البلاد للخطر.

تحذير

وقالت سلوى، إن القانون لم يراع الأولويات عند تكوين عدد من الآليات المقترحة في اتفاق جوبا والتي من الأفضل أن يكون تكوينها قبل تفعيل حكومة الإقليم أو متزامناً معه بحيث يكون لها تأثير على فعالية الهياكل والمساهمة في تنفيذ استحقاقات السلام، وحذرت من أن يفقد الاستعجال في التجربة انضباط التطبيق الذي يأمل فيه سكان الإقليم ويفقدهم الإحساس بالتغيير المنشود.

وأضافت أن عدم اخضاع مشروع القانون للمراجعة الدقيقة من حيث اللغة والصياغة أدى إلى الوقوع في أخطاء جسيمة تكشف عن حالة استعجال إصدار القانون، ويتضح ذلك جلياً في المادة 19 التي أشارت للوثيقة الدستورية لسنة 2019م دون الإشارة للتعديل الذي تم في 2020م ونشر في الجريدة الرسمية وصار نافذاً وهي المادة التي نصت على كيفية أداء رئيس وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي بالإقليم للقسم.

وزادت: (أيضاً أغفل ذلك في المادة 20 التي حددت أجل انتهاء المجلس التشريعي الانتقالي بالإقليم دون الإشارة للتعديل الذي بموجبه تم مد الفترة  الانتقالية وعدم اتساق ذلك مع المادة 14 التي نصت على تحديد أجل انتهاء الحكومة الإنتقالية بانتهاء الفترة الانتقالية دون تحديد).

مشاركة المرأة والشباب

وأوضحت سلوى أبسام، أن مشروع القانون خالف الدستور والاتفاقية في النسب المحددة لمشاركة المرأة والشباب، ولفتت أن ذلك اتضح بقراءة المادة (15) من مشروع القانون التي تنص على تمثيل الشباب والمرأة بنسبة  (40%) من العضوية في حين أن الوثيقة تحدد هذه النسبة للمرأة فقط. وذكرت سلوى، أن مشروع القانون تجاهل مستوى الحكم المحلي رغم أنه مستوى حكم موازٍ مما يؤدي إلى تكرار التجارب السابقة التي أدت إلى تغول الولايات على المستوى المحلي، كما منح القانون الإطاري لسنة 2016م الولايات الحق في إصدار قوانين ولائية تنظم الحكم المحلي وأصدرت معظم الولايات قوانينها، وزادت: حسب الوثيقة هذه القوانين سوف تظل نافذة الى أن تعدل أو تلغى.

وأشارت سلوى أبسام في التقرير، أن مشروع القانون لم يراعِ مبدأ الفصل بين السلطات، واعتبرت أن المادة 15/2 من مشروع القانون التي نصت على أيلولة سلطة التشريع في غياب المجلس التشريعي لحكومة الإقليم تعتبر خرقاً آخر للمبدأ الدستوري،  كما أوضحت أن مشروع القانون أشار إلى نسب توزيع السلطة لكنه لم يحدد الآلية التي يتم بموجبها الحصول على هذه الاستحقاقات، ودرج على الإحالة إلى نصوص الاتفاقية أنظر المواد (المواد 3-8-15-21).

إعفاء الحاكم:

ونبهت سلوى، إلى أن مشروع القانون (سكت)عن إعفاء حاكم الإقليم وفق منصوص المادة (7)، وقالت إن الأجدى هو أن تكون من اختصاصات المجلس التشريعي محاسبة الحكومة وسحب الثقة من الحاكم والوزراء بآلية واضحة، ودمغت مقترح مشروع القانون فيما يتعلق بوجود وزراء ومساعدين ومستشارين بأنه ترهل سيؤثر على تحقيق التنمية المنشودة ويضر بالتجربة في ظل وجود حكومة الولاية بكل طاقمها والمجلس التشريعي أيضاً.

ولفتت سلوى أبسام، إلى أن تحديد اختصاص حاكم الإقليم والحكومة التنفيذية ورد بعبارات فضفاضة ومرنة وتكون مربكة حين تقرأ مع عدم تحديد العلاقات مع الولايات والمحليات وإغفال عدد من الاختصاصات والمهام المدرجة بالاتفاقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *