الجمعة, مايو 9, 2025
تقاريرسياسة

خطاب الكراهية يشعل نيران حروب قادمة

شبكة اعلاميات: هيام تاج السر

طالبت قيادات نسوية بمقاومة دعاة الحرب، و الكراهية والعنصرية، بجميع الوسائل السلمية الفاعلة، وتوضيح الأثر الخطير لإستمرار الحرب على مصائر الناس، ومقاومة كل دعوة تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، وشددت القيادات النسوية علي ضرورة عدم إفلات دعاة الكراهية والعنصرية من العقاب على جرائمهم، عبر وحدات للرصد والتقييم، ومراقبة إتجاهات خطاب الكراهية، وجمع التقارير، ولفت إنتباه المؤسسات الرئيسية والمجتمع المدني المحلي والإقليمي والدولي، وتأسيس مراكز بحثية لدراسة ورصد الإنتهاكات التي وقعت في مناطق النزاعات والصراعات، ورصد صور خطاب الكراهية ، وتحليل نماذجه الظاهرة والخفية في المجتمع ، وسَنُّ قوانين رادعة تُجرِّم خطاب الكراهية والعنصرية بجميع أشكاله وأنوعه والتحلي بحساسية أخلاقية مفرطة في رصد وتتبع خطاب الكراهية عبر (وسائل التواصل الاجتماعي ) والتعليقات الفكاهية الساخرة في المجال العام، وحظر المنظمات والنشاطات الدعائية المُروِّجة لخطاب الكراهية والتمييز العنصري والتحريض عليه، وإعتبار الإشتراك في أيٍّ منها جريمة يعاقب عليها القانون العام.

الإقصاء الإجتماعي:

تقول نهلة الخزرجي مديرة منظمة المستقبل للإستشارة والتنمية بدارفور، إن خطاب الكراهية مظهر من مظاهر الإقصاء الإجتماعي، والذى تمظهر فى السياسات العامة للدولة ، وهذا تسبب في غبن كبير جداً. ودفعت نهلة بفذلكة تاريخية لخطاب الكراهية منذ الإستعمار، وحتي حرب 15 أبريل 2023م ،وأشارت الي إن الغبن الإجتماعي وغياب التنمية المتوازنة والعادلة تسبب في نزاعات مثل جنوب السودان وجبال النوبة، والنيل الأزرق حيث فرض المركز الإسلام والعروبة كبديل للأديان الافريقية والمسيحية ، أيضا تم تهميش الأقاليم مما دفع الشرق ودارفور للإحتجاج، ورسخت سياسة المناطق المقفولة ، بجانب تجارة الرق فضلا عن الإستعمار الذي كرس السلطة والوظائف في الخدمة المدنية والتجارة بيد بيوتات ومكونات بعينها، وعقب الإستقلال حمت تلك البيوتات والمكونات السلطة عبر العسكر. هذا الإتجاه دفع بعض المجموعات للجهر بأن الوظائف في الخدمة المدنية والإلتحاق بالكلية الحربية وكلية الشرطة حكراً لمكونات محددة ولمعالجة هذه الوضعية في إتفاقيات السلام التي وقعت مع الحركات المسلحة بدارفور تم الإقرار علي وضع تمييز إيجابي لإبناء دارفور في الإلتحاق بمؤسسات التعليم العالي ، والكلية الحربية وغيرها من أوجه التمييز المناطقي الذي إشتكت منه بعض المجموعات، وأضافت نهلة إن المسيحيين في السودان إشتكوا من التمييز والإضطهاد الديني ، وخلال الفترة التي إعقبت إتفاقية نيفاشا ظلت صحيفة ورقية تدعو لخطاب الكراهية بحق مواطني جنوب السودان قبل إنفصاله كما ظل رئيس تحريرها ورئيس منبر السلام العادل يكتب المقالات ويدعو في المنابر بخطاب عنصري ضد الجنوبيين.

المجموعات التحريرية:

ولمقاومة التهميش الذي طال بعض الأقاليم تكونت الحركات المسلحة في دارفور علي أساس قبلي وهذا تسبب في صراع إجتماعي وتنافس علي التسليح وإندلاع نزاع دامي بين المجموعات العرقية بالإقليم ، وساهم حزب المؤتمر الوطني عبر تدخله الماكر في تسليح مجموعات قبلية محددة وتكوين الدعم السريع الذي حارب المجموعات الأفريقية بالإقليم ، فضلاً عن توزيع الأراضي والحواكير لمجموعات محددة وهذا أدي الي صراع إجتماعي بين الرعاة والمزارعيين وبين المكونات القبلية الأخري ، وعقب حرب منتصف أبريل 2023م شهدت مواقع التواصل الإجتماعي خطاب كراهية عالى بين اطراف الحرب وحلفائهم ، حيث تم دمغ الدعم السريع بإنهم عرب شتات وأم كعوك بينما وصف مناصري الدعم السريع الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة بإنهم دولة (56) وفلنقيات ، بينما وصف مناصري ثورة ديسمبر بأنهم عملاء للسفارات ، سرديات الحرب الداعية للكراهية والعنصرية لم تكتفي بذلك بل كان هنالك قانون الوجوه الغربية الذي تم تنفيذه في المناطق الأمنة البعيدة من نيران الحرب التي نزح إليها بعض المواطنيين حيث تم إعتقال الكثير منهم بذلك القانون ،وكذلك شهدت مواقع التواصل الإجتماعي خطاب كراهية من قبل قيادات في شرق السودان بحق قيادات دارفور، أيضا لم يسلم النازحين الهاربين من لعلعلة الرصاص الي الولايات الامنة من خطاب الكراهية.

المجموعات المهمشة:

ومن جهتها قالت الأستاذة إلهام مالك المختصة في علم الاجتماع إن خطاب الكراهية والعنصرية ليس مشكلة إجتماعية حديثة بل هو نتائج لتاريخ طويل في المجتمع السوداني، مثل التعالي العرقي، والثقافي، والديني، والطبقي والتمييز المدروس والممنهج ضد الفئات الضعيفة والمهمشة، وذلك له جذور تاريخية عميقة في تاريخ الرق في السودان بالإضافة الي السياسات التي مارستها الحكومات في المركز ، والهامش في فترات تاريخية مختلفة، كما إن تاريخ الرق جزء لا يتجزاء من النظام الإجتماعي السوداني حيث تم إستبعاد شعوب بعينها، وبعد دخول الحكم الإستعماري الإنجليزي المصري بدأت حملة لتحريم الرق، وأصدرت الإدارة الإستعمارية البريطانية، قوانين تمنع الرق ، ولكن لم يتم تفعيلها وتطبيقها ،وظل واقع السودان كما هو حتي منتصف القرن العشرين (1924) ، وبعد إستقلال السودان (1956) إستمرت النخب في السيطرة والهيمنة، والتسلط ومصادرة حقوق الآخرين ، وفي عهد الإنقاذ تعمقت المشكلة القائمة في السودان علي أساس ديني، مما أوجد ضغائن مستمرة لمدة(30 عاماً )من خلال سياسات التمكين للعناصر الإسلامية، والإقصاء لكل الذين لا ينتمون إليه.

حرب الكل ضد الكل:

واوضحت إلهام إن الهدف الأخير لخطاب الكراهية في أجندة دعاة إستمرار الحرب (حال خسارتهم الحرب)، هو توريط المجتمع في حرب تنحدر فيها كل المكونات السودانية إلى الحضيض مما يضطرهم فقط للدفاع عن وحداتهم الإجتماعية الأولى، كالقبيلة والمنطقة علي حساب الولاء للوطن، أي الوصول إلى هدف الحرب الأهلية الشاملة (حرب الكل ضد الكل) ذلك هو الهدف الخبيث من خطاب الكراهية والعنصرية أجندة دعاة الحرب، بإعتبار إن هذا الهدف سيعفيهم من مسؤوليتهم عن إشعال الحرب، ويحقق لهم أحد خيارَيْهم: حكم السودان، أو حرقه، أو انفصاله وتقسيمه جغرافيا، وعرقيا، وطالبت القوي المدنية والديمقراطية بقطع الطريق علي هذا الخطاب العنصري من خلال تبني سياسات واضحة وإنشاء مراكز لرصد هذا الخطاب العنصري وسن قوانين رادعة.

نيران الفتنة:

وفي المقابل قالت المحامية والناشطة الحقوقية سلوي أبسام إن خطاب الكراهية والعنصرية يهدد البشرية وأشعل الكثير من الصراعات التي أودت بحياة الملايين من البشر،كما ظلت العنصرية والجهوية واحدة من جذور المشاكل التي تؤجج الصراعات في السودان مع الأسباب الضرورية الهامة ، وظلت الحكومات العسكرية وكل راغبي السلطة توظفهما سياسيا ودينياً لتعزيز الإنقسامات ، وإقصاء الآخر ولقد تم إستخدامها في هذه الحرب مما أذكى نيران الفتنة وجعلها حرب أهلية ما زال أوارها يتمدد، وأشارت أبسام الي ان القوانيين الدولية جرمت خطاب الكراهية والعنصرية وحمت في ذات الوقت حرية التعبير والمعتقد والتنقل وغيرها من الحقوق ، وكذلك نصت الوثيقة الدستورية التي تم الإنقضاض عليها بإنقلاب أكتوبر 2021م ومن ثم تعديلها حيث حددت الوثيقة الدستورية طبيعة الدولة بأنها دولة المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس، أو اللون أو النوع أو الوضع الإجتماعي، أو الإقتصادي أو الرأي السياسي، أو الإعاقة أو الإنتماء الجهوي او غيرها من الأسباب ونصت على ان تلتزم الدولة باحترام الكرامة الانسانية والتنوع وتؤسس على العدالة والمساواة، وكفالة حقوق الانسان والحريات اًلأساسية كما نصت على المساواة أمام القانون، وحرية التعبير، والحق في المشاركة السياسية وغيرها من الحقوق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *