الجمعة, مايو 23, 2025
مقالات

السودان صراع الكمبرادور والميليشيات وسبل الخلاص الوطني

بقلم: سنية اشقر  

تخوض البلاد واحدة من أكثر حروبها كارثية، ليس فقط من حيث العنف والتدمير، بل من حيث عمق التناقضات التي فجّرتها. إن ما يجري اليوم ليس مجرد نزاع مسلح بين الجيش والدعم السريع، بل صراع طبقي وسياسي واقتصادي عميق، يُعبّر عن أزمة الدولة السودانية في سياق التبعية والتفكك. هذة الحرب نتاج طبيعي لتخلف نمط الإنتاج وهيمنة الرأسمالية الطفيلية وتواطؤ القوى الإقليمية والدولية في ادامة نظام سياسي هش وفاسد يخدم مصالحها علي حساب الشعب السوداني.

▪ من هم المتحاربون
الحرب ليست حرب شعب بل حرب سلطة الحرب الجارية ليست حرب جماهير، بل حرب أجنحة داخل الطبقة المسيطرة. “كيزان” الجيش و”كيزان” الدعم السريع يتنازعان علي السلطة والموارد، ويحرصان على ضمان مصالحهما في إطار التبعية للمجتمعين الدولي والإقليمي. المؤسسة العسكرية والدعم السريع يشتركان في تدمير الدولة لصالح منظومةالنيوليبرالية والعنف المنظم، ويرفضان أي مشروع ديمقراطي تحرري يعيد بناء السودان لصالح شعبه، علي أسس العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية.

▪ البعد الدولي والاقليمي والمحلي في الحرب
دولياً: تتصارع القوى الكبرى على السودان كموقع استراتيجي وثروات (ذهب، أراضٍ، موانئ).

إقليمياً: تُغذّي بعض الأنظمة العربية والإفريقية الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر خدمة لأجنداتها.

محلياً: فشل الدولة، وتراكم المظالم الاجتماعية والطبقية، وتفكك المؤسسات، كلّها عوامل جعلت البلاد ساحة مفتوحة للاحتراب.
لذلك لا يمكن فصل حرب السودان عن صراع المحاور الإقليمية(السعودية،الامارات،مصر،إثيوبيا ) وتنافس القوى الكبرى (امريكا،روسيا،الصين) هذة الأطراف تدعم كل منها حلفاءها المحليين وتستخدم الصراع لتأمين مصالحها الاسترتيجية، سواء عبر الموانئ أو الذهب أو الموقع الجغرافي.
لذلك يجب علي القوى المدنية والسياسية الثورية أن تتوحد لكشف هذا التواطؤ الإقليمي والدولي، وفضح خطاب السلام الزائف الذي يراد فرضة من الخارج لإعادة إنتاج نفس السلطة التابعة،

▪ تمدد الحرب وتحول موازين القوى
التمدد الاخير للحرب في كردفان والنيل الأبيض والتحول المفاجئ في ميزان القوى لصالح الدعم السريع، ودخول الطائرات المسيرة، يوكد أن المعركة لم تعد تدار فقط داخل حدود السودان. دخول الدعم السريع مناطق جديدة بهذا الزخم، يُنذر بتفكك اجتماعي أوسع.
انسحابات الجيش من بعض المناطق تُذكّر بتكتيك الجزيرة “مدني” الانسحاب ثم اتهام السكان بالتعاون، لتبرير القمع لاحقاً.في استراتيجية خبيثة لتقويض أي قاعدة شعبيه جماهيرية محتملة للمقاومة المدنية.

* حرب المسيّرات وضرب المواقع الاستراتيجية

▪ ما وراء التصعيد في شرق السودان
ليس كل ما يحدث شرقاً مرتبط مباشرة بالحرب في نيالا. الصراعات الداخلية داخل أجهزة السلطة والواجهات القبلية، وملف الموانئ، كلها تغذي هذا التصعيد. هناك احتمال لاستغلال الحرب لتصفية حسابات سياسية واقتصادية داخل النظام والمكون القبلي المسيطر علي الشرق في ظل مساع لتفكيك الدولة من الداخل، واستثمار الفوضى كذريعة لتقسيم الثروات والموانئ بين أطراف الصراع، وتهيئة المسرح لدخول لعيبة جديدين.

▪ هل يوجد طرف ثالث في هذة الحرب؟
بلا شك، هناك شبكات مصالح اقتصادية ..عابرة للحدود – تعمل على تأبيد الفوضى، تهريب ذهب، سلاح، واتجار بالبشر، بمراقبة بعض الأطراف الإقليمية والدولية. هذه الشبكات لا تبحث عن حكم، بل عن بيئة فوضوية لاستنزاف الموارد وتدمير أي امكانية دولة وطنية ديمقراطية مستقلة.(السماسرة)

▪ ما هو الحل؟
لا حل عسكرياً.
لا تسوية بين القتلة.
نعم لبناء جبهة شعبية واسعة، على أساس وطني، ديمقراطي، عدالة اجتماعية، وسيادة كاملة. مشروع وطني ينهض من قواعد الشعب على القوى المدنية الثورية أن تتجاوز خلافاتها وتُعلن أن السودان يجب أن يكون مشروعاً وطنياً تحررياً أو لا يكون.
يجب أن تكون الأولوية لبناء سلطة بديلة من القواعد، ترتكز على لجان المقاومة، والنقابات، وحركات المهمشين، والفئات المستقلة المزارعين،الرعاة،الشباب، المرأة،زوي الاحتياجات الخاصة ….الخ)
هذة المرحلة لا تحتمل الحياد أو التخندق أن وحدة القوي المدنية علي اساس بناس مشروع وطني اقتصادي اجتماعي شامل هو الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد من التمزق والانقسامات.لان هذه الحرب تهدد وحدة السودان ووجوده. المرحلة لا تحتمل الانغلاق أو التردد. على الجميع تغليب مصلحة الشعب والوطن، وتعلن القطيعة الكاملة مع ادوات الحرب،وأمرائها، والانخراط في مشروع جماعي لإنقاذ ما تبقى من البلاد.
علي القوى المدنية الثورية، داخل السودان وخارجه، أن تعمل بشكل عاجل علي إعلان موقف مشترك، وتكوين جبهة مقاومة مدنية، سياسية وشعبية، تضع البلاد على طريق التحرر والعدالة والسلام الحقيقي.

مايو/٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *