الثلاثاء, يونيو 17, 2025
تقاريرسياسة

التكايا.. من القتل والاعتقال إلى التقييد القانوني

تقرير: حسين سعد

لم يترك طرفي الحرب في السودان حيلة ماكرة لإستخدامها بحق غرف الطؤاري ،لإدخالها في الصراع السياسي لكن صمود الغرف وإبتعادها عن ذلك الصراع دفع السلطت في ولاية الخرطوم لإتخاذ إجراءات قانونية ماكرة خاصة بالتسجيل القانوني لمباشرة العمل الطوعي الذي خاضته الغرف (أيام وليالي) قاسية في تقديم الغذاء عبر المطابخ، ولم تتوقف التكايا في بذل خدماتها بالرغم من إستهداف أعضائها بالقتل بالرصاص أو القصف بالمسيرات والمدافع الثقيلة ،وإستخدام سلاح الإعتقال وتلفيق التهم الجزافية، بل مضت الغرف في تقديم خدماتها ، وبالرغم من محاولات شيطنتها والتضيق عليها إلا أنها إستطاعت الوقوف في وجه الإستبداد والمحافظة علي وحدتها وخدماتها ،ونجح أعضاء غرف الطؤاري في تقديم الوجبات للكثير من الأسر في مختلف انحاء العاصمة بمدنها الثلاث ،ووسط تهديدات كبيرة واجهت الغرف لكن شبابها واصلوا عملهم خدمة لإهلهم ولم يبالوا بالمخاطر ، وتعرض الكثير من الشباب المتطوعين لخدمة أهلهم تعرضوا للإعتقال بل فيهم من مات في سجون الدعم السريع، وأشهرهم متطوعو المعمورة الستة الذين عثر عليهم موتى بالعطش والتعذيب، وكذلك ماحدث من إنتهاك لشباب لجان الطوارئ والخدمات بالخرطوم جنوب الحزام وبرى وشرق النيل وبالذات الحاج يوسف وشمال بحرى،وقتل بعض أعضائها في الحرب ،كما تم إعتقال البعض الاخر كما حدث في الخرطوم والجزيرة والنهود ودارفور وشرق السودان ،وكذلك فتحت بعض البلاغات في مواجهة الغرف وتهديدهم من قبل الحكومة.

الصراع السياسي:

رفضت غرف الطوارئ بولاية الخرطوم، محاولات إدخالها في الصراع السياسي والعسكري، وقالت غرف الطوارئ بولاية الخرطوم، في بيان لها أطلعت عليه (مدنية نيوز )، إنها ترفض هذا النوع من المناورات السياسية الرخيصة، وشددت على أنها تنظيم مستقل لا تربطه أي علاقة بأي فصيل أو تحالف عسكري ولا ينتمي لأي جهة غير العمل الإنساني، مطالبة بالإمتناع عن الزج بغرف الطوارئ في أي صراع سياسي أو عسكري إحترامًا لحق السودانيين في الحياة، وأعلنت رفضها القاطع لمحاولات تسييس العمل الإنساني أو استخدامه منصة للترويج لأطراف الصراع، محذرة من تبعات هذا السلوك الذي يهدد سلامة المتطوعين.

قتل المتطوعين:

وقد فقدت التكايا والمطابخ الخيرية والمستشفيات مؤخراً عدداً من المتطوعين بسبب الإعتقال أو الوفاة، مما أدى إلى تناقص أعدادهم، الأمر الذي يفاقم الأزمة في ظل غياب الكوادر الطبية والصحية عن المستشفيات، وإحجام كثير من الشباب عن الانخراط في العمل الخيري بسبب المضايقات الأمنية والخوف من الإستهداف مثلما حدث في حادثة إغتيال عضو غرفة طوارئ الجريف غرب نادر محمد علي يس برصاصة غادرة. وكان الفقيد متطوعاً نشطاً منذ الأيام الأولى للحرب، وعُرف بحسن الخلق، وطيبة المعشر، ومحبته بين الناس، وكرم النفس ، كما نعت الغرفة أيضاً المتطوع حسين حامد أحمد، الذي قُتل إثر سقوط قذيفة على المسجد العتيق بالجريف غرب، وتتجد مأساة فقدان المتطوعين، فعلى الرغم من عملهم الإنساني النبيل وسط نيران الحرب، يلقى بعضهم حتفهم داخل المستشفيات أو دور الإيواء جراء القصف العشوائي، بينما يواجه آخرون اعتقالات تعسفية ومضايقات من الأجهزة الأمنية لطرفي النزاع، وخلال الفترة الماضية، تواترت الأخبار عن وفيات متطوعين ومتطوعات، سواء بسبب قصف الطيران أو مدفعية قوات الدعم السريع، أو حتى بسبب الوفاة الطبيعية نتيجة انعدام الدواء والرعاية في مناطق الحرب،ومن ضحايا ضحايا الإستهداف قتل المتطوع الصادق حيدر ،وكذلك عبد الرحمن الفاتح (جدو)وفي فبراير 2025م ، توفيت المتطوعة سعدية بمعسكر النيم للنازحين بمدينة الضعين بولاية شرق دارفور، ونعاها زملاؤها واصفين إياها بأنها كانت رمزاً للإنسانية، سباقة في تقديم المساعدة، حاضرة في كل لحظة إنسانية، لا تألو جهداً في سبيل الآخرين.

إجراءات التسجيل:

وفي محاولة أخري إشترطت ولاية الخرطوم تسجيل هذه الأجسام للإستمرار في ممارسة عملها، وإعتبر ناشطون في العمل الإنساني إن السلطات تخطط عبر القرار الذي أصدرته للسيطرة على العمل الطوعي وتوظيفه لصالحها من خلال زرع الموالين لها داخل الأجسام الطوعية، وأشاروا إلى أن القرار سيضع قيودًا على عملهم ويحد من نشاط الغرف التي قدمت مساعدات للمدنيين لأكثر من عامين، وكانت حكومة ولاية الخرطوم أصدرت، قرارًا يشترط تسجيل الكيانات العاملة في العمل الطوعي لدى مفوضية العون الإنساني لمواصلة نشاطها في العاصمة، وهددت المخالفين بإجراءات صارمة، مما قد يؤدي إلى توقف مئات الغرف بولاية الخرطوم التي بها أكثر من (500) غرفة طوارئ، تشغل أكثر من (800) مطبخ جماعي ، في مساعدة المتأثرين بالحرب من خلال تقديم الطعام والعلاج، في تعويض لغياب مؤسسات الدولة التي أصبحت غارقة في اتون الحرب.

(800) مطبخ:

وأوضحت غرف الطوارئ أنها تدير أكثر من (800) مطبخ جماعي في ولاية الخرطوم، إضافة إلى خدمات الصحة والمياه والدعم النفسي والاجتماعي، بعيدًا عن أي توجه سياسي أو أجندة خارجية، وتكتسب غرف الطوارئ دعم دولي كبير، نظرًا لتقديمها الغذاء، وخدمات الصحة للفئات الأكثر إحتياجًا في مناطق النزاع، علاوة على كشف الانتهاكات، وقال البيان إن غرف الطوارئ تتابع محاولات الكيانات السياسية والعسكرية لاستغلالها والزج بها في صراعات، سواء عبر بيانات مضللة أو الإيحاء بدعم أو انتماء مزعومين، وأعتبر هذه المحاولات بأنها مناورات سياسية رخيصة لا تعبر عن حرص حقيقي على معاناة السودانيين بل تستغلها كأداة صراع على السلطة، والجدير بالذكر إن غرف الطوارئ تأسست من متطوعين بعد إندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، حيث عملت على تقديم الطعام لملايين السودانيين رغم تحديات نقص التمويل والعراقيل والانتهاكات التي تعرض لها أفرادها والتي شملت القتل.

جائزة عالمية:

وفي مايو 2025م ، أعلن الاتحاد الأوروبي في السودان، عن منح جائزة الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان لعام 2025 لـ(شبكة غرف الاستجابة للطوارئ)، والمعروفة محليًا بغرف الطوارئ، وتمنح جائزة الإتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان سنويًا لتكريم الأفراد والمنظمات السودانية التي تسهم بشكل بارز في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في البلاد، وتهدف الجائزة إلى تسليط الضوء على الجهود المبذولة في مجالات حقوق الإنسان التي تتضمن حرية التعبير، حقوق المرأة، دعم سيادة القانون، والدفاع عن الفئات المهمشة، وكان معهد أوسلو في النرويج لأبحاث السلام، رشح غرف الطوارئ في السودان لجائزة نوبل للسلام لعام 2024، وذلك لجهودها الإنسانية التي تقدمها خلال الحرب المستمرة في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *