الثوابت الوطنية السودانية.. لماذا الكفاح والثورة إذاً أيها المهدي؟ (2-2)
بقلم: كومان سعيد
تناولت في المقال السابق ما قاله الإمام الصادق المهدي حول التطبيع مع دولة إسرائيل وأن هذا التطبيع هو ضربة للثوابت الوطنية السودانية. الثوابت الوطنية التي تم انتقاؤها من قبل الإمام والنخب السياسية السودانية التي تداولت كرسي السلطة في السودان والتي لم يجمع عليها السودانيين. بغض النظر عن قناعات الإمام الصادق المهدي وما يؤمن به، وله كل الحق في ما يعتنق من رؤي ولنا أيضا حق الإختلاف معه ولكن كيف يستطيع الإمام أن يقنعنا كشباب سودانيين أن المشكلة الفلسطينية هي واحدة من ثوابت الوطن لا يجب أن يتم التنازل عنها إطلاقا ونحن نرى في مواقع التواصل الاجتماعي التي افتقدها جيل الإمام ، نرى كيف أصبح الفلسطينيون والإسرائيليون يعيشون وكأنما ليست هناك أي مشكلة تاريخية بينهما، الفلسطينيون أصحاب الشأن يتبادلون التجارة مع إسرائيل بملايين الدولارات، يستوردون العلاج والكهرباء من إسرائيل. لماذا يحق لفلسطين صاحبة الشأن أن تتعامل مع إسرائيل ولا يحق لنا نحن أن تتعامل معها؟ لماذا ندفع نحن ما يجب أن يدفعه الفلسطينيون؟.
أصبحت الآن إسرائيل دولة صديقة لفلسطين هذا هو الواقع الذي يجب أن يعرفه كل من يدعي قدسية هذه المشكلة . الزمن والمصالح كفيلة بتغيير سياسات الدول تجاه بعضها البعض. اعتقد أن بعض النخب السياسية في السودان قد لا تكترث إطلاقا لما قد يؤول له الفلسطينيون ولكن ولأننا نعاني من عملية الاستلاب الثقافي و الاغتراب عن الذات الإفريقية السودانية وبتالي تصبح القيمة من إثارة هذه القضايا هي محاولة التقرب من العالم العربي، ولأن التقرب من العالم العربي يثير المشكلات داخل الوطن وبالتالي يعمل على التأكد من استمرارية الحروب ومع استمرارية الحروب بكل تأكيد تستمر الامتيازات التاريخية لبعض الأحزاب السياسية السودانية، فالسلام العادل الشامل يخاطب جزرة الإشكاليات وبتالي يهدد المصالح التاريخية لبعض هذه الأحزاب السياسية السودانية . فالعروبة في السودان مرتبطة بتقسيم الثروة والسلطة، وهي نفس المشكلة التي أدت إلى انفصال جنوب السودان وهي أيضا نفس المشكلة التي تهدد وحدة السودان الآن. فبعد كل هذا التاريخ المأساوي وبعد أطول حرب أهلية في إفريقيا (وحتى الآن لم تنتهي الحرب بعد) التي راح ضحيتها ملايين السودانيين لا تستطيع بعض الأحزاب أن ترى الصورة الكاملة.
كيف يسمى الصادق المهدي حكيم الأمة وهو لا يستطيع أن يضع مصالحة واجندة الحزبية جانبا لأجل مصلحة الوطن؟ أين هي الحكمة هنا ؟ . لماذا لا تكون الثوابت الوطنية السودانية هي عدم التمييز الديني الإثني الثقافي؟ لماذا لا يكون السلام ومصلحة السودانيين هي الثوابت الوطنية؟ لماذا هذا الإصرار على ما يفرقنا كسودانيين؟. لن يكون هناك سلام ولن يستقر السودان ما لم نضع الأجندة الحزبية بعيدا ونتفق على مصلحة الوطن والمواطن المغلوب على أمره. وهي مهمة شاقة يؤمن بها أصحاب النفوس الزاهدة المتواضعة المحبة للسلام.