السلام، الحرية، العدالة.. متى تتحول الرمزية إلى البنيوية؟
بقلم: كومان سعيد
في كل مرحلة من تاريخ السودان ما بعد الإستقلال أو حتى قبله حمل الناس السلاح تعبيرا عن رفضهم ممارسات الحكومات المركزية العنصرية من إقصاء ثقافي اقتصادي ممنهج ظل تقوم به كل الحكومات المتعاقبة على كرسي الحكم في السودان تجاه الاثنيات غير العربية الأسلامية. استطيع القول أن العديد من الثوار الذين خرجو عن طاعة الدولة وشرعيتها كانوا راغبين في السلام العادل و الحياة الكريمة كمواطنين سودانيين، راغبين في السودانوية بالمعني الذي قاله الدكتور جون قرنق، في الوحدة الوطنية القائمة على اسس جديدة، فهتفت حناجرهم ليلاً ونهارا حرية، سلام، وعدالة وهتفت كذالك بنادقهم وبكى أطفالهم ويتمو ورملت نسائهم. فنزرو حياتهم للنضال ولتحقيق هذة الشعارات. وكإمتداد لهذه الثورة التي قام بها هاؤلا الابطال وتضحيتهم بكل مايملكون في كل من جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، قام الثوار أثناء ثورة ديسمبر المجيدة يهتفون معبرين عن اشواقهم في الحرية، السلام، والعدالة هاتفين بنفس الشعارات التي هتف بها الثوار منذ العام ١٩٥٥ مرورا بي ١٦ مايو العام ١٩٨٣ تأسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة المفكر السوداني الدكتور جون قرنق ديمبيور وبزوغ فجر السودان الجديد وصرخه مولوده المنفستو.
كل هؤلا الناس الذين صرخت حناجرهم بالهتاف بشعار السلام، والحرية، والعدالة تم مكافئتهم بالمزيد من الحرب، والظلم، والقمع. إلا أن هذه الأنظمة ذاتها و بذات نظام الجبهة الإسلامية لم يترك جامعة أو شارع أو حتى حي سكني لم يسمه بإسم السلام فنجد جامعة السلام، دار السلام، استاد السلام، فريق السلام، إذاعة السلام.. الخ تقريباً في كل ولاية من ولايات السودان وبذات تلك التي تدور رحى الحرب فيها . في بلد يشكي كل عضو فيه مأساة الحرب، في جنوبه و غربة وشرقة فأصبح شعار السلام مفرغا من معناه واصبح في مرحلة ما يعني المعنى الآخر للحرب. لذالك اتسائل متى ستتحول الرمزية إلى البنيوية؟. فالسلام لا يمكن أن نعيشه أو حتى أن نعرفه إذا كان مجرد شعارات لا يعبر عنها في بنية الدولة. هل سنتخطي رمزية شعارات السلام، الحرية، العدالة كمجرد شعارات رفي وقعنا السوداني إلى بنية دولة مدعمة بالدستور والقانون ومحمية الجيش والأمن والشرطة؟. إذا كان الجواب نعم، لماذا إذا التقاعس في تحقيق السلام الشامل بشروطة العادلة المتمثلة في تحقيق جوهر هذه الشعارات؟.
أتمنى أن يتحقق السلام الشامل العادل، وان يعد النازحين واللاجئين إلى قراهم منتصرين على الحرب والموت والكراهية وكل ما يفرق بين أبناء الوطن الواحد. وفي النهاية الحب سينتصر، أو هذا ما نأمل.