(30) يونيو إسقاط نظام أم تصحيح مسار
بقلم: كومان سعيد
كثير من القوى الثورية والمعادية للثورة خرجت يوم الثلاثين من يونيو. لم تكن كل هذة القوى متوافقة في شعارتها، فهناك من نددو بشعارات داعمة للحكومة الانتقالية منادية بضرورة إصلاح عاجل للوضع الاقتصادي و(أي كوز ندوسو دوس)، وهناك أخرى منادية بإسقاط النظام وسياسات البنك الدولي الرأسمالية الإمبريالية الغربية، وآخرون إسلاميون يهللون ويكبرون يدفعهم حنينهم إلى ماضٍ أغبر، قتلوا فيه هذا الشعب منادين بإسقاط الحكومة الانتقالية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، ولنخرج الإسلاميين من هذه المعادلة السياسية: هل إسقاط الحكومة الانتقالية الحالية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك سيكون حلاً سحرياً تزول معه كل الإشكاليات الحالية؟
لا بكل تأكيد، لا أعتقد أن هذا صحيح، أستطيع القول إن الدكتور عبد الله حمدوك شئنا أم أبينا قد لقي إجماعاً جماهيرياً لم يحظَ به أيُّ رئيس من قبل، وهذا أن دل إنما يدل على ثقة هذا الشعب في هذه الحكومة الانتقالية، وأن العبور سيكون فقط مسألة وقت لا غير. أستطيع القول إن لقب المؤسس الذي يُطلق على رئيس الوزراء سيكون واقعاً نعيشه ذات يوم؛ ولكن على سبيل المثال إذا قلنا إن هذه الحكومة الانتقالية فاشلة، ويجب أن تسقط. إذن، من هو البديل الذي يمكن أن يجمع عليه هذا الشعب في ظل هذا التشظي السياسي الذي نعاني منه؟ هل هي الأحزاب السياسية أم العسكر، أم هي الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام؟
أستطيع القول بكل ثقة، إن اشكالية الدولة الاقتصادية هي السبب الرئيسي خلفها هو انفصال جنوب السودان وتعطيل الإنتاج المحلي كإيقاف مشروع الجزيرة والكثير من المشاريع المنتجة، وبالتالي لا يمكن أن ينعدل حال الاقتصاد الوطني بعيداً عن الإنتاج المحلي، وهذا بتطلب بكل تأكيد وقتاً وصبراً.
لا يمكن أن يتم إصلاح ما تم تخريبه في أكثر من ثلاثين عاماً في عامين أو ثلاثة، وهذا يحتاج إلى معجزة خارقة للعادة، وليس رئيس وزراء وحكومة انتقالية.
إن الأوضاع المعيشية أصبحت كما لم نعهده من قبل، وهذا يدل على الخراب الذي أحدثه نظام المؤتمر الوطني في اقتصاد البلاد.
ليست هناك في اعتقادي سياسات بديلة يمكن للحكومة الحالية اتباعها سوى سياسات البنك الدولي، اختلفنا معها ام اتفقنا، ولكن هذه السياسات بكل تأكيد ليست بديلة للإنتاج المحلي، بل يجب أن يكون قبول سياسات البنك الدولي لأجل تقوية الاقتصاد المحلي ودعم الإنتاج الوطني حتى نستطيع عبور هذة الأزمة والاعتماد على ثرواتنا المحلية الغنية جداً.
لا بد من الوصول إلى تسوية سياسية شاملة مع كل المكونات السياسية السودانية، ولكي نعبر هذا النهر الصعب لا بد من أن نجدف جميعاً في تناغم تام لنصل إلى غايتنا آمنين سالمين، وإرادتنا السياسية هي السبيل إلى ذلك، وسنعبر وسننتصر.