الخميس, نوفمبر 21, 2024
تقاريرسياسة

بعثة الأمم المتحدة في السودان.. مهام لتحصين الفترة الانتقالية ومنع الردة للدكتاتورية

الخرطوم: أم سلمة العشا

مهام متعددة تنتظر بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس)، حيث يعول عليها كثيرون في حراسة الانتقال الديمقراطي عقب ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الحكم الذي ترأسه المخلوع عمر البشير، والحيلولة دون الردة إلى الانقلابات العسكرية.

وفي (4) يوليو الماضي أبرمت حكومة السودان (اتفاقية وضع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية في السودان “UNITAMS”).

أهداف استراتيجية

واعتبرت وزارة الخارجية السودانية على صفحتها الرسمية في موقع (فيسبوك) أن توقيع اتفاقية وضع البعثة بين حكومة السودان وممثل الأمين العام للأمم المتحدة يمثل خطوة مهمة تسهم في تسهيل مهام البعثة التي ترتكز على تنفيذ (4) أهداف استراتيجية تضمنها قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2524) وتتعلق بـ (دعم التحول السياسي، وتعزيز الحكم الديمقراطي، وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان، والمساعدة الفنيّة في عمليات الانتخابات وصنع الدستور، إضافة إلى المساعدة في تحقيق وبناء السلام الشامل، وحشد الموارد الإنمائية والاقتصادية لتنفيذ هذه الأهداف).

وطبقاً لوزارة الخارجية، فإن الطرفين أكّدا أهمية التعاون والتنسيق بين حكومة الفترة الانتقالية وجميع أجهزتها مع بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) من أجل مخاطبة تحديات الفترة الانتقالية وتحقيق الأهداف المشتركة، بما يحقق تطلعات الشعب السوداني في فترة الانتقال الديمقراطي.

ووفقاً للقرار رقم (2579)، فقد اعتمد مجلس الأمن بالإجماع تمديد ولاية البعثة الأممية المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس UNITAMS) حتى 3 يونيو 2022م، والأهداف الأخرى المنصوص عليها في القرار هي مساعدة بناء السلام بقيادة السودان، ولا سيما في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودعم حشد المساعدة الاقتصادية والإنمائية وتنسيق المساعدات الإنسانية وبناء السلام. ومن خلال ذلك القرار، قرر المجلس أنه تماشياً مع تلك الأهداف ينبغي على (يونيتامس) إعطاء الأولوية لدعم القطاعات التالية: (مراقبة إيقاف إطلاق النار في دارفور؛ تنفيذ خطة الحكومة الوطنية لحماية المدنيين؛ محادثات السلام بين الحكومة والجماعات المسلحة السودانية؛ التنفيذ الشامل لأحكام تقاسم السلطة في اتفاق جوبا للسلام؛ عملية صياغة الدستور؛ وتعزيز الحماية والأمن وسيادة القانون بقيادة المدنيين).

دعم خارجي

وقال رئيس البعثة فولكر بيرتس في مؤتمر صحفي بمقر البعثة بالخرطوم عقده في (3) يونيو الماضي، إن عملية السلام في السودان تحتاج إلى دعم مادي خارجي، وأضاف: (سافرت إلى باريس وبعض الدول الأوروبية، كما سنسافر إلى الخليج والولايات المتحدة الأمريكية من أجل حشد الدعم لمساعدة السودان على بناء السلام).

وكشف رئيس البعثة أنه حصل على بعض التقدم الملحوظ المرتبط بقرب إعفاء السودان من الديون المتراكمة.

وأشار بيرتس إلى أن وساطة دولة جنوب السودان تؤدي دوراً فاعلاً للوصول إلى سلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال، ووعد باستمرار الوساطة والبعثة في تقريب المواقف للوصول إلى اتفاق حول القضايا المختلفة من أجل الوصول لاتفاق في أقرب وقت ممكن.

طابع أمني وسياسي

وأوضح بيرتيس، أن مهمة البعثة ذات طابع أمني وسياسي واقتصادي واجتماعي، وأبان أن البعثة لا تملك جنوداً أو مكونات على الأرض، لكنها تعتمد على آليات الأمم المتحدة في تنفيذ مهامها الأربع وتتمثل تلك المهام في دعم الانتقال السياسي، ودعم اتفاقية السلام وبناء السلام، وحماية المدنيين، وحشد الموارد لدعم العملية الانتقالية. وشدد على أن (استدامة السلام تحتاج إلى معالجات جذرية لأسباب النزاعات، وتحقيق التنمية في كل المناطق).

صعوبات كبيرة

وأقر بيرتيس، بالصعوبات التي تواجه المرحلة الانتقالية في السودان، وقال إن هناك مشكلات يمتد تاريخها إلى مئات السنين، مما يتطلب تضافر الجهود لحلها، ورأى أن (للبعض توقعات أكبر حيال ما يمكن أن تقوم به البعثة، في حين يسعى البعض لاستخدامها لتحقيق أجندته الخاصة)، ونفى أن تكون للبعثة أية توجهات تنتقص من سيادة السودان، وأردف أنها تعمل (وفقاً لأولويات السودان نفسه، وليس وفقاً لأولويات الأمم المتحدة أو دولة بعينها).

خلفيات

وتعمل البعثة الأممية تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، في الأول من يناير 2021م، وهي بعثة طلبها السودان لتعمل على دعم الانتقال وعملية السلام، حيث باشر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة فولكر بيرتس، أعماله فور وصوله في فبراير الماضي بلقاءات مكثفة مع كافة قيادات هياكل حكومة الانتقال.

وحسب القرار رقم (2524) الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، فإن مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية في السودان لمدة (12) شهراً كمرحلة أولية، ووافق مجلس الأمن الدولي في يونيو بالإجماع على إرسال بعثة أممية جديدة للسودان تحت البند السادس، بعد أن ظل السودان لأكثر من (15) عاماً موضوعاً تحت البند السابع، رداً على تصرفات النظام المخلوع برئاسة عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم تتضمن جرائم حرب في دارفور.

ويتضمن الفصل السادس، (6) مواد تركز على معالجة النزاعات بالتسويات والطرق السلمية.

رؤية دبلوماسية

وحسب رؤية دبلوماسيين، فإن بداية عمل البعثة ووصول رئيسها الألماني فولكر بيريتس، من أبرز ضمانات استمرار الحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري، وأشاروا إلى أن مهمة البعثة التنسيق ودعم جميع أطراف عملية الانتقال، وأن مهامها ترتبط في جزء منها بعملية السلام التي يتقاطع فيها الشق المدني والعسكري فيما يتعلق بنشر ثقافة السلام، وفي الوقت ذاته المساعدة في العمليات الفنية مثل التسريح والدمج للقوات العسكرية للأطراف التي وقعت اتفاقيات السلام.

تحصين الفترة الانتقالية

وفي سياق ذي صلة، قال الصحفي والمحلل السياسي المهتم بمجال حقوق الإنسان والشؤون الدولية محمد علي فزاري لـ(مدنية نيوز) اليوم: إن البعثة سياسية بامتياز وهي معنية بدعم الانتقال الديمقراطي في السودان وفقاً للتفويض الممنوح لها في قرار مجلس الأمن (2524)، حيث تتركز مهام البعثة على (4) محاور وهي: دعم عملية التحول السياسي، ووضع الدستور، وتنفيذ الوثيقة الدستورية، والتمهيد لإجراء الانتخابات، لتحقيق السلام الشامل والمصالحة الوطنية في السودان، وبالتالي من المتوقع أن تسهم البعثة في إحداث اختراق في ملف حقوق الإنسان الذي شهد شداً وجذباً بين السودان والمجتمع الدولي طيلة العقود الثلاثة الماضية.

وأضاف: (قد تكون الاتفاقية التي وقعت في يوليو الماضي بين الحكومة السودانية وبعثة الأمم المتحدة في السودان “يونيتامس” بمثابة تحصين للفترة الانتقالية ومنع التشاكس الذي قد يحدث بين المكونين المدني والعسكري). وأشار فزاري، إلى أن من التحديات التي تواجه البعثة تأخير بند الترتيبات الأمنية ودمج جيوش الحركات المسلحة في جيش قومي واحد ذي عقيدة قومية موحدة.

وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس”، فولكر بيرتيس، قد ذكر في أول مؤتمر صحفي عقده عقب تسلمه مهامهه رسمياً بالخرطوم (إن الوصول إلى سودان مستقر، لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود “3” جيوش)، لكنه لفت إلى أنه ليس باستطاعة البعثة حل مشكلات السودان كلها، واعتبر أن (الأمر في يد السودانيين أنفسهم). وأكد فولكر، انفتاح البعثة على العمل مع جميع الأطراف السودانية والمجتمع الدولي، لتحقيق المهام الأربع الرئيسية المنوطة بها.

التحديات وإرادة التخطي

وتابع الصحفي والمحلل السياسي المهتم بالشؤون الدولية محمد علي فزاري، في إفادته لـ (مدنية نيوز): (إضافة إلى ما ذكرتُ سابقاً تظل السيولة الأمنية في عدد من الولايات تمثل تحدياً آخر يعيق تنفيذ مهام البعثة، بجانب وجود حركات خارج مظلة اتفاق السلام الموقع في عاصمة جمهورية جنوب السودان جوبا، بما يجعل الساحة مفتوحة أمام “سيناريوهات” تبدو غامضة، لكن مع كل تلك التعقيدات تبقى تلك التحديات مجرد هواجس يمكن تخطيها إذا توفرت الإرادة الحقيقية للأطراف كافة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *