الجمعة, نوفمبر 22, 2024
حواراتمجتمع

عديلة الزئبق: القوى السياسية أدارت ظهرها للنساء والحكومة تباطأت في (سيداو)

رئيسة الاتحاد النسائي السوداني (عديلة الزئبق) في حوار مع (مدنية نيوز):

القوى السياسية أدارت ظهرها للنساء والحكومة تباطأت في التوقيع على (سيداو)

الوفد النسائي لمفاوضات السلام بذل جهداً ووصول صوتهن رهين بإيمان المتفاوضين

تمثيل النساء في السلطة لم يرتق لمستوى نضال المرأة ووعيها

حوار: عازة أبو عوف

كشفت رئيسة الاتحاد النسائي السوداني (عديلة الزئبق) عن جملة من التحديات التي تواجه النساء السودانيات، أبرزها عدم التوقيع على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وعدم إلغاء قانون الأحوال الشخصية، واعتبرت عديلة أن قانون الأحوال الشخصية به كثير من العيوب، وشددت على ضرورة إلغائه وانتقدت في الوقت ذاته عدم توقيع الحكومة الانتقالية على اتفاقية (سيداو)  واتهمتها بالتباطؤ.

وأوضحت رئيسة الاتحاد النسائي أن تمثيل النساء في السلطة لم يرتق إلى مستوى نضال المرأة، وانتقدت ما وصفتها بالضبابية داخل القوى السياسية في التعامل مع قضية المرأة، ورأت أن القوى السياسية أدارت ظهرها للنساء، وقالت إن تمثيل النساء داخل الأحزاب ما زال بعيداً عن تطلعات المرأة ومطلوبات الدولة المدينة التي لا تستقيم إلا بتحقيق المساواة والعدالة في توزيع الفرص بين مكونات المجتمع، وخاصة المساواة النوعية.

(مدنية نيوز) حاورت رئيسة الاتحاد النسائي السوداني، في اليوم العالمي للمرأة حول أوضاع النساء السودانيات وخرجت منها بهذه الرؤى:

  * ماهي أبرز التحديات التي واجهت عمل الاتحاد النسائي طيلة (٣٠) عاماً الماضية في عهد النظام المخلوع؟

التحديات التي واجهت الإتحاد النسائي طيلة سنوات القهر كثيرة أولها مصادرة نشاط الاتحاد العلني، مما اضطره للعمل فيما يشبه العمل السري حيث يدار العمل الداخلي للاتحاد في سرية ثم يخرج بنشاطه الجماهيري علناً مثل المواكب والبيانات ومجلة صوت المرأة، وانعكس ذلك أيضاً في تقليص موارده حيث لم يكن من السهل استقطاب أي دعم باسم الاتحاد بشكل رسمي، كذلك واجهت معظم العضوات الفصل والتشريد من الخدمة، مما عطل حركة الاتحاد وحدّ من موارده، حيث كان يعتمد على اشتراكات وتبرعات العضوات.

وبالإضافة لذلك هناك ملاحقة واعتقال لعدد من النساء معظمهن من عضوات الاتحاد النسائي، مما أدى إلى هجرة كثير منهن وشلّ حركة من بقين يناضلن بالداخل.

وكذلك سيادة خطاب الإسلام السياسي والخطاب السلفي الذي استهدف النساء على نحو خاص، والتراجع عن كثير من المكتسبات مثل المساواة في فرص العمل والتعليم وحرية الحركة بفعل قانون النظام العام ولجنة النساء التي كانت تحظر سفر المرأة دون محرم حتى لو كانت في بعثة عمل وقانون الأحوال الشخصية والقانون الجنائي والتدهور في مستوى المعيشة مما فرض على النساء وضعاً اقتصادياً قاسياً وأعباءَ ومسئوليات جديدة، بجانب تفشي الأمية بين قطاعات واسعة من النساء.

ومن التحديات كذلك تدهور الأوضاع الصحية وخاصة صحة الأمومة والطفولة، وانتشار العنف ضد المرأة وظهور أشكال من العنف لم تكن مألوفة في السابق، وتوسع دائرة الحرب التي خلفت كثيراً من الضحايا خاصة النساء وإفرازات الحروب من نزوح وتهجير التي عانت منها النساء، وتفشي جريمة الاغتصاب واتخاذ ها كسلاح في مناطق النزاع. كل هذه التحديات وغيرها ألقت بعبئها على عمل الاتحاد في ظل ما ذكرت من ضعف في حركته وقلة موارده وتشريد كوادره.

* كيف تمكن الاتحاد من تجاوز تلك التحديات؟

لم يستطع الاتحاد العبور فوق أغلب هذه التحديات، فهي ما زالت تشكل عقبة أمام النساء بشكل عام، لكن أصبحت هناك فرص لتخطيها باندلاع الثورة وما احدثته من تغيير والسير نحو الديمقراطية والدولة المدنية.

* ما يميز المرأة في الفترات السابقة، وما أبرز القضايا التي تواجه النساء اليوم؟

ما يميز المرأة السودانية في السابق والوقت الرهن هي قدرتها على تجاوز المحن وابتداعها أشكال النضال المختلفة، فمثلاً إبّان الدكتاتورية الأولى عهد عبود كان الإتحاد النسائي يدير نشاطه خلال فكرة (الختة) أو الصندوق، كما كانت هناك حيل كثيرة حتى أنهن أحياناً كن يتنكرن في زي الرجال ويرتدين الجلاليب لحضور الاجتماعات مع الرجال.

كذلك للمرأة السودانية تجارب في التعايش أو التحايل على الأزمات بمعنى آخر تحمل أخطاء الحكومة وتقصيرها، ففي سنوات حكومة ما سميت بـ(الانقاذ) عاشت البلاد سنوات جد عجاف لكن كانت النساء يقدن دفة الحياة بقدرة فائقة.

* بعد عقود من النضال المستمر برأيك هل ما تم من معالجات في قضايا النساء مرضٍ لكنّ؟

المرأة مواجهة اليوم بتحد كبير تكون أو لا تكون، فلا مجال لأنصاف الحلول في شأن المرأة ولابد أن تصبح قضية المرأة شأناً عاماً وقضية دولة ومجتمع فمن غير اللائق أن تظل قضية المرأة مكاناً للمزايدات أو المساومات، حيث إذا اشتد الخلاف تتم التضحية بقضية المرأة أو بحصتها.

* شهدت الفترة الماضية تقدماً في وضع النساء السودانيات على المستوى الإقليمي، هل هذا التقدم يشمل الحقوق السياسية للمرأة السودانية ؟

نعم فيما مضى كان التقدم يشمل الحقوق السياسية، حيث اكتسبت المرأة حقوقها السياسية قبل غيرها في الدول الأفريقية والعربية، لكن لم يستمر التقدم بذات الوتيرة لعدم استمرار الديمقراطية ولابتلاء السودان بالحلقة الشريرة (ديمقراطية يعقبها انقلاب عسكري)، الأمر الذي أقعد بحركة التقدم في البلاد وتقدة المرأة على وجه الخصوص.

* تمثيل النساء في التحالفات السياسية والأحزاب هل هو شكلي أم أن النساء بحاجة للنضال داخل هذه الأجسام لأخذ حقوقهن؟

أعتقد أن تمثيل النساء داخل الأحزاب ما زال بعيداً عن تطلعات المرأة وعن مطلوبات الدولة المدينة التي لا تستقيم إلا بتحقيق المساواة والعدالة في توزيع الفرص بين مكونات المجتمع وخاصة المساواة النوعية.

*ما رأيك في تمثيل النساء في السلطة على الرغم من أدوارهن العظيمة في ثورة ديسمبر؟

تمثيل النساء في السلطة لم يرتق إلى مستوى نضال المرأة ولا وعيها، ورغم أن هناك خطوة بدأت بإلغاء قانون النظام العام، لكن ما زال هناك الكثير.

*هناك مطالبات بإلغاء قانون الأحوال الشخصية ما هي أبرز ملاحظاتك عليه؟

قانون الأحوال الشخصية به الكثير من العيوب بدءاً بتعريف الزواج نفسه، ثم مسألة سماحه بزواج طفلة العاشرة ومسألة بيت الطاعة وموضوع حصول المرأة على الطلاق والمتاريس التي تحول دونه، بينما جعله بالنسبة للرجل أسهل من شربة ماء، وهناك مسألة الولاية وجواز تزويج الفتاة دون استشارتها، هذا الحق الذي ناضل من أجله الإتحاد النسائي منذ الخمسينيات واكتسب حق استشارة الفتاة عند الزواج جاء قانون ١٩٩١ ليسلب المرأة هذا الحق ويعطيه للولي، هناك كثير من العيوب والمثالب تكتنف هذا القانون ولابد من إلغائه.

ثم هناك سؤال يطرح نفسه، لماذا نتحدث عن التغيير وإلغاء الكثير من موروثات العهد البائد وتفكيك التمكين وسيادة المواطنة، وحينما يأتي الأمر لقانون الأحوال الشخصية يسود الصمت أو الهمس؟، لابد من مواجهة هذا القانون المعيب فهو ينتقص من حقوق المواطنة بالنسبة للمرأة ويحولها إلى سلعة، كما أنه أحد أدوات التمكين التي استخدمها النظام البائد لتدجين النساء.

* طالبتم في الموكب النسوي بضرورة التوقيع على اتفاقية (سيداو)، هل تعتقدين أن هناك تباطؤاً من الحكومة في عدم المصادقة عليها؟

هناك تباطؤ، خاصة وأن وزير العدل نصر الدين عبد الباري قد صرح بأنه ماضٍ نحو توقيعها ثم لا تدرين لماذا تعثرت المسألة.

*بعد الثورة هل أنت مطمئنة لأوضاع النساء بعد أن أدارت القوى السياسية ظهرها لقضايا النساء وعدم الدفع بهن للمراكز؟

هذا السؤآل لخصتي إجابته في جملة أدارت ظهرها للنساء، حتى الآن هناك ضبابية في مسألة وضع المرأة رغم تصريحات رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، التي استبشرنا بها خيراً في بداية ولايته، لكن أملنا في الحركة النسائية كبير في ترجيح كفة الميزان لصالح المرأة فالدرب ما يزال أمامنا.

*رأيك في مشاركة النساء السياسيات في عملية المفاوضات الحالية وهل ستثمر مجهودات وفدكن لإيصال صوت النساء؟

أعتقد أن المفاوضات منذ البداية اكتنفها خلل باستخدام ذات القالب الذي وضعه النظام البائد، نفس الطاولة ونفس الفاعلين حيث جعلت من بقية المواطنين متفرجين يتلقون الأخبار لماماً، وكأن قضية السلام تهم حاملي السلاح، وكان من الممكن أن تبتكر الدولة نموذجاً يحمل روح الثورة في المشاركة العريضة، حيث تكون هناك عدة طاولات تحمل وجهات  نظر تمثل الرأي العام فيما يشبه المشورة الشعبية يتم تداولها على المكشوف ويتم تبدلها بين الطاولات لتخرج عصارة تلك المجهودات، وقد يحتاج ذلك زمناً أطول لكنه سيأتي بنتايج أفضل.

وفي تلك الأثناء لا ينبغي أن يتعطل دولاب الدولة لأنه مرتبط بمصائر الناس. كذلك الوضع في المعسكرات لا ينتظر ولا يحتمل التأجيل فهو متعلق بحياة هؤلاء الناس فكان ينبغي أن تبدأ المفاوضات بتحسين الوضع الإنساني داخل المعسكرات حتى يستطيعوا الصمود ريثَما تبدأ إجراءات إحلال السلام.

أما وجود النساء وإن جاء متأخراً لكن أعتقد أنه تمكّن من أن يحدث اختراقاً يدفع بالسلام، لكنه بالطبع لم يكن التمثيل الجيد لأن دور النساء المشاركات كان سيكون أفضل لو بدأ مبكراً ولو اتيحت فرصة التواصل بين النساء من كل الأطراف قبل وقتٍ كافٍ حتى يتم التوصل لأجندة مشتركة لها قوتها.

* كيف تنظرين لإمكانية وصول أصوات النساء بشأن المفاوضات؟

وصول أصوات النساء رهين بمدى إيمان الأطراف المتفاوضة بذلك، وأعتقد أن الوفد النسائي بذل جهداً نرجو أن ينتج ثماراً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *