تحديات التعليم.. هل تعصف بالعام الدراسي الحالي؟
الخرطوم: هانم آدم
انطلق العام الدراسي الجديد يوم الاثنين الماضي وسط تعقيدات وتحديات عديدة يرى البعض أنها قد تعصف بالعملية التعليمية لهذا العام، فالأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة وتدهور الجنيه السوداني وانعكاساته على الحياة العامة، مع الوضع في الاعتبار ارتفاع نسبة التضخم بصورة مبالغة رغم ما قيل مؤخراً عن تراجعه، وتأثير ذلك الارتفاع على كافة مناحي الحياة. وفي الجانب الآخر توجد التحديات التي تواجه قطاع التعليم نفسه من تعالي دعوات الإضراب من قبل المعلمين لتردي أوضاعهم وضعف مرتباتهم، وجانب ثالث متعلق بالبيئة التعليمية ومشاكلها، بجانب توقعات المشاكل التي تواجه عودة المرحلة المتوسطة والتي بدأ تطبيقها فعلياً هذا العام.
وكانت وزارة التربية والتعليم في ولاية الخرطوم أعلنت اكتمال كافة الترتيبات لبداية العام الدراسي 2021 – 2022 بمدارس الولاية في يوم الاثنين 20 سبتمبر الجاري.
في المساحة التالية وقفت (مدنية نيوز) على بعض التحديات التي تواجه العام الدراسي وتحديداً تطبيق المرحلة المتوسطة، واستنطقت بعض أصحاب الشأن.
تكاليف مرتفعة
في البدء التقينا بعدد من الأمهات اللاتي اشتكين من ارتفاع تكلفة المستلزمات المدرسية بصورة وصفنها بالجنونية، وطالبن الحكومة بوضع التعليم في أولى أولوياتها حتى لا يكون العام الحالي مثل سابقه، واتفقت عدد من الأمهات بأن العام الماضي شهد عدم استقرار للطلاب مما كان له أثر سالب عليهم.
مخاوف
وحول عودة المرحلة المتوسطة أبدت عدد كن الأمهات تخوفهن من التجربة باعتبار أن الأوضاع ضبابية حتى الوقت الراهن بالنسبة لهم، فيما بدت إحدى الأمهات متفائلة بعودة المرحلة المتوسطة، وقالت لـ (مدنية نيوز) أمس الأول إن التمرحل الدراسي مهم لذلك فالمرحلة المتوسطة أفضل، وهي تسهم في تزويد الطلاب بمعارف مختلفة، خصوصا في مادة اللغة الإنجليزية التي كانت تدرس في السابق مثل قصص (جانير)، ونبهت في الوقت ذاته إلى أن العودة للمرحلة المتوسطة تتطلب وجود معلمين أكفاء يحببون الطلاب في المواد التي تدرس.
توقيت غير مناسب
ومن جانبها وصفت مديرة مدرسة الشعبية ببحري إخلاص باقرين، قرار فتح المدارس في هذا التوقيت بغير المناسب، وقالت لـ(مدنية نيوز): (كيف تفتح المدارس ولا تتوفر أية معينات للعمل؟)، وأضافت: (لا يوجد إجلاس ولا كتب أو طباشير)، وتساءلت: (هل يستقيم الأمر أن يتم تدريس الطلاب عبر محاضرات أم كيف؟).
تحديات
وأشارت مديرة مدرسة الشعبية ببحري إلى وجود تحديات تواجه عودة المرحلة المتوسطة التي بدأ التنفيذ الفعلي لها هذا العام، أبرزها عدم توفر معلمي اللغة الإنجليزية، ولفتت إلى أن مدرستها على الرغم من أنها تتضمن (نهرين) غير أنه لا يتوفر لديها سوى اثنين فقط من خريجي اللغة الإنجليزية المدربين، وتساءلت: (لماذا لم يتم إحصاء معلمي اللغة الإنجليزية رغم م وجود تدنٍ واضحٍ في هذه المادة؟).
عدم توفر المناهج
ولفتت مديرة مدرسة الشعبية ببحري إلى عدم توفر أي منهج للمرحلة المتوسطة، وذكرت أن هناك منهج تم تسريبه للسوق يحتوي على شخصيات عامة، وأكدت وجود ملاحظات عليه، وتساءلت: (فهل يقوم المعلم بتصوير ذلك المنهج حتى يدرسه للطلاب؟)، وأردفت: (هذا بجانب أن هناك مدارس مجففة كان يمكن الاستفادة منها للمرحلة المتوسطة بدلاً عن تركها هكذا مثل مدرسة الأميرية ببحري التي صارت في فترة من الفترات مخزناً للكنب وخراطيش المياه التي تتبع لهيئة المياه، ومدرسة الصبابي التي يوجد بها ما يقارب السبع فصول مغلقة، بجانب مدرسة معاذ بن جبل.
وقالت إخلاص باقرين: لا يوجد استعداد للمرحلة المتوسطة، خاصة أن معظم معلميها عندما ألغيت المرحلة المتوسطة في العام ١٩٩٤م اتجهوا للتعليم الخاص وأحيلوا للمعاش، وأبانت أن المتواجدين بولاية الخرطوم لا يتجاوزوا (١٠٪)، وزادت: (عندما أحصينا معلمي المرحلة المتوسطة بمدرستنا وجدنا عددهم ثلاثة من جملة واحد وعشرين معلماً بالمدرسة). ونبهت مديرة مدرسة الشعبية ببحري إلى أنه كان من المفترض أن يكون هناك تأنٍ في فتح المدارس، ويتم تدريب المعلمين (لأنه دون تدريب يعتبر هذا بمثابة انهيار للتعليم)، واعتبرت ما يحدث في مجال التعليم بأنه شأن سياسي أكثر من كونه اهتماماً بالتعليم.
تدريب مبكر
ومن جانبه انتقد المعلم الصادق محمد، إعلان تدريب المعلمين مع إعلان فتح المدارس، وقال لـ (مدنية نيوز): يفترض أن يكون تدريب المعلمين أثناء الخدمة ويخصص له يوم كافٍ، وأوضح أن المعلم الكفؤ لن تواجهه إشكالية، أما حديث التجربة فقد يحتاج لجهد أكبر.
ورأى الصادق، أن المعلمين متوفرين لتدريس طلاب المرحلة المتوسطة واستند على مقدرة معلمي الصفين الثامن والسابع على تدريس مناهج المرحلة المتوسطة، وأبدى أسفه على أن المرحلة المتوسطة ومنذ عهد النظام المخلوع عبر ثورة ديسمبر لم تخصص لها مدارس، ولم توضع لها مناهج، وذكر: (لذلك لا يمكن وضعها حالياً)، واعتبر إعادة المرحلة المتوسطة تجربة كارثية وأن آثارها ستكون أسوأ مما تفعله السيول في مقتنيات المواطنين.
وأضاف أن التعامل يتم بسطحية من حيث المقررات والاستعداد للعام الدراسي، وأردف: (هذا يهدد مستقبل الطلاب)، وأبدى تفاؤله رغم كل التحديات بنجاح العام الدراسي، ونبه إلى أنه لأول مرة تتوفر أموال للتسيير.
تهديد الدراسة
ومن جهتها انتقدت المعلمة بمدرسة الإنقاذ بالخرطوم إسراء محمود، الأوضاع الاقتصادية عموماً، ونهت إلى أثرها الكبير على الشعب السوداني عامة والمعلمين على وجه الخصوص، وأبانت أن مرتبات المعلمين تتراوح ما بين (١١-١٧) ألف جنيه، أما العمال بالمدارس فلا تتجاوز مرتباتهم (٥) آلاف جنيه، وتساءلت: (كيف يمكن لهاتين الفئتين أن توفر متطلبات الترحيل لهم أو لأبنائهم إن وجدوا)، واعتبرت هذا تهديدا للعام الدراسي.
وقالت إسراء، إن اليوم الأول للعام الدراسي لم يشهد حضور الكثير من المعلمين أو الطلاب، أما طلاب الصف الأول المتوسط فقد ذكرت أنه حتى الوقت الحالي لا توجد رؤية واضحة سوى أنهم سيكونوا في نفس المدرسة وبزي مختلف، ورددت: أما المنهج فحتى الآن لا نعرف عنه شيئاً، وتابعت: (نفضل أن يتم فصل طلاب المرحلة المتوسطة عن تلاميذ مرحلة الأساس)، وعزت ذلك لوجود بعض الممارسات السالبة من قبل بعض الأطفال الأكبر سناً نحو الأصغر منهم حتى أثناء خروجهم في نهاية الدوام عند البوابة، الأمر الذي جعلنا نخرج الطلاب لمنازلهم في أوقات مختلفة تفادياً لحدوث أية احتكاكات بين الطلاب، وناشدت الحكومة بقيادة د. عبد الله حمدوك بالنظر لزيادة مرتبات المعلمين بعين الاعتبار، ولفتت إلى أنهم يعانون وأن نصف مرتباتهم تذهب للمواصلات.
الاستثمار في الأطفال
ومن ناحيتها أمنت المعلمة في إحدى المدارس الخاصة نور عز الدين، على ضرورة فصل الأطفال الأكبر سناً لتعرض بعضهم للأصغر منهم في كثير من الممارسات، خاصة أثناء فسحة الفطور، وأشارت إلى أن كثيراً من المدارس الخاصة لا تهتم بذلك وتنظر للأطفال نظرة استثمارية.
وقالت نور، إن المقرر غير واضح، وكان لابد أن تكون هناك ورش عمل مكثفة للمعلمين على المقرر الجديد حتى يتم تفادي الكثير من الإشكاليات.
الجهل بالمناهج
وبدورها نبهت المعلمة رميساء هجو مصطفى، إلى أن بداية العام الدراسي الجديد مرتبط بشقين هما الأسرة والمؤسسات التعليمية، وأوضحت في إفادتها لـ (مدنية نيوز) أنه تم فصل المرحلة المتوسطة فيما يتعلق بجانب التعليم، وخصصت له فصول الصف السابع، وتم تعيين وكيل لإدارة مهام المرحلة المتوسطة، ونوهت إلى أنه حسب حديث مسؤولين بالوزارة طبعت (٥٠٪) من الكتب وستوزع مع بداية العام، وسيتم تدريب المعلمين عليها، وأكدت عدم اطلاعهم على مقرر المرحلة المتوسطة، و(لا يعرفون ماذا تحوي المناهج حتى الآن).
عقبات التمويل
وكان مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي د. حبيب آدم حبيب، قد ذكر في منتدى أقيم في وقت سابق بوزارة التعليم حول عودة المرحلة المتوسطة أن النظام السابق ترك مرحلة تعليمية بلا فلسفة ولارؤية، لذلك واجه الانتقال من التعليم النمطي إلى مرحلة جديدة صعوبات عديدة، وأشار إلى أن اللجان التي شكلت لإعداد المناهج أوصت بإعداد وثيقة للمرحلة المتوسطة واقترحت إضافة مواد جديدة.
وأقر مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي وقتها بوجود تحديات كبيرة تواجههم في التمويل، وأن التعليم لا يمكن أن ينهض دون توفير التمويل اللازم، كما شدد على الاهتمام بالتدريب، وكشف عن دليل للمعلم في كل مادة من المنهج الجديد.