مبادرة مديري الجامعات.. مسؤوليات وطنية وواجبات مهنية
الخرطوم: حسين سعد
طرح بعض مديري الجامعات السودانية، مبادرة لحل الأزمة السودانية المتفاقمة، وتجاوز حالة انسداد الأفق السياسي الذي تسيد المشهد منذ انقلاب أكتوبر الماضي.
وحيا مدير جامعة الجزيرة وعضو المبادرة البروفيسور محمد طه يوسف، خلال مؤتمر صحفي عقد بقاعة وزارة التعليم العالي في الخرطوم السبت، نضالات وتضحيات الشعب السوداني وتطلعاته للحكم المدني الكامل للبلاد، وقال إن البلاد تمر بمرحلة استثنائية من عمر الثورة وهي مرحلة تتطلب في تقديره تكاتف الجهود وتكامل الرؤى والتوحد في مواجهه التحديات الماثلة، تحقيقاً للتحول الديمقراطي المنشود وإقامة الدولة المدنية الخالصة.
وأضاف أن الفترة الماضية شهدت إطلاق العديد من المبادرات من قبل القوى الثورية والسياسية، هدفت لإحداث التحول المدني الديمقراطي عقب انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ م، والاتفاق الإطاري في ٢١ نوفمبر ٢٠٢١م والذي أفرز واقعاً سياسياً معقداً يتطلب الحكمة والنظر بمسؤولية لمستقبل البلاد، وتحقيق تطلعات وطموحات الشعب في أقامة حكم مدني تعمل فيه كل مؤسسات الدولة بتناغم تام وفق سياسات انتقال حقيقية تنتقل بالبلاد من مربع الشمولية البغيضة، لفضاء الديمقراطية الرحب، ومن مربع الجهل والمرض والتخلف إلى مربع الوعي والصحة ونهضة الإنسان والمكان.
وأوضح طه أن مبادرة مديري هذه الجامعات السودانية، تأتي من واقع المسؤولية الوطنية أولاً والمهنية والمجتمعية ثانياً، انطلاقاً من الدور المناط بالجامعات السودانية في إيجاد الحلول للقضايا الاجتماعية التي تواجه المجتمعات المختلفة والبلاد ككل، بغية جمع الصف الوطني عن طريق الاتصال المباشر بقوى الثورة والقوى السياسية، والسعي لتجميع الرؤى والمبادرات المختلفة لتحليلها، ووضعها في مصفوفة علمية وعملية توضح نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف في الرؤى والأهداف والوسائل، ومن ثم عقد منتدى تفاكري يجمع كل قوى الثورة الحية لإدارة حوار بناء وهادف للخروج بوثيقة حاكمه للمرحلة المقبلة من عمر الفترة الانتقالية وخارطة طريق ملزمة التطبيق إبان تلك الفترة.
ولفت طه إلى المنهجية المتبعة ستكتمل بعقد المنتدى التفاكري بعد إضافة المبادرات اللاحقة والمساهمات الجديدة في الساحة السياسية وتحقيق إجماع وطني فاعل، ونوه إلى أن كل هذه الخطوات يتم العمل فيها وفق جدول زمني سيتم عرضه لاحقاً على أن لا يتجاوز عقد المنتدى التفاكري العاشر من يناير٢٠٢٢م.
وأكد “طه” إن المبادرة أتت من دراسة الواقع السياسي المعقد والواقع الاقتصادي والاجتماعي، الذي يستدعي التدخل السريع والعاجل لكل الجهات، بجانب إيجاد حلول للراهن السياسي المعقد، ولفت إلى أن المبادرة تهدف إلى كيفية الوصول لاتفاق بين المكون المدني ممثلاً في الأحزاب والقوة الحية ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني من أجل الوصول اتفاق ووثيقة مجددة وخارطة طريق، وتابع: “نحن معنيين بإدارة حوار سوداني سوداني بحيادية مديري الجامعات للوصول إلى وثيقة وتوافق يحكم الفترة الانتقالية”، وأقر أن التشرذم وسط القوة المدنية نفسها يخلق إشكالاً كبيراً في الوصول إلى نتائج وحلول.
ووفقاً لمدير جامعة الجزيرة، فإنه لابد من إدارة حوار مدني يستدعى فيه الوازع الوطني ويستصحب فيه مزيد من التنازلات للوصول لأهداف المبادرة.
من جهته قال عضو المبادرة ومدير جامعة نيالا البروفيسور محمود آدم، إن المبادرة انخرطت خلال الأيام الماضية في مشاورات موسعة مع الفاعلين في المشهد السياسي من لجان المقاومة والتنظيمات النسوية والاحزاب السياسية والمجتمع المدني والشخصيات القومية، ورفاق الكفاح المسلح، وأوضح أن مبادرتهم تهدف الى وحدة قوى الثورة وتجميع كل المواثيق المطروحة في وثيقة واحدة لدعم الثورة وتحصين الانتقال الديمقراطي.
الجدير بالذكر أن أعضاء المبادرة ظلوا في حالة اجتماعات مكثفة ومشاورات حتى ليلة امس الأحد، ومن المنتظر أن تواصل المبادرة عملها حتى تاريخ الانتهاء من المهمة التاريخية المحدد لها بحسب المصفوفة في العاشر من الشهر الحالي، وربما تؤجل بعض التعقيدات والمستجدات في المشهد السياسي هذا التاريخ قليلاً، لكن لن تموت هذه المبادرة مثل سابقاتها، وذلك لعدد من الاسباب بينها أن أعضاء المبادرة محل ثقة من الجميع ثانيا.. لم تبدأ المبادرة من الصفر، بل وجدت مبادرات سابقة ومجهودات مبذولة، ثالثا للمبادرة تصور واضح عبر خطوات لعملها، رابعا يدرك أعضاء المبادرة تعقيدات المشهد وعامل الزمن والاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خامسا لدى المبادرة اتصالات برفاق الكفاح المسلح غير الموقعين على السلام وكذلك لديهم مقبولية وثقة وسط النازحين واللاجئين.
بجانب ان غالبية أعضاء المبادرة قادمون من خارج العاصمة، وهذه ميزة تفصيلية تجعل كل همهم مباشرة العمل دون انقطاع بسبب المشاغل الاجتماعية، كل هذه العوامل ستدفعهم لاكمال المهمة الوطنية بنجاح تام لان المبادرة اقل ما توصف بانها خطوة في الإتجاه الصحيح، وجاءت في الوقت المناسب وهي دعوى للكل للمشاركة لإخراج البلاد الأزمة الخانقة التي وصفها دكتور محمود آدم في المؤتمر الصحفي الأخير.