غرب دارفور وطبيعة الصراعات
بقلم: محمد بدوي
في 26 يونيو 2022 أعلن المكتب الصحفي لوالي غرب دارفور، عن توقيع وثيقة عدائيات بين القبائل العربية برعاية الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع وإشراف الجنرال خميس أبكر والي غرب دارفور والمساليت، على أن يعقبها مؤتمر للتعايش السلمي خلال ستة أشهر، لعل هذا يكشف سبب زيارة حميدتى لدارفور في هذا التوقيت الذي يشهد تفاوضا بين المكون العسكري والحرية والتغيير في الخرطوم، بهدف إيجاد مسار للحالة السياسية التي نتجت على خلفية إنقلاب 25 أكتوبر 2021، ليثور السؤال ستنهي تلك الخطوة او تمهد لإنهاء الصراعات التي ظلت تشهدها غرب دارفور خلال الفترة الإنتقالية؟ الإجابة لا، قبل التسبيب لابد من الإشارة الى ان الخطوة تعتبر الوثيقة الرابعة منذ فبراير 2021، وثيقتين بين المساليت والعرب ومثلها بين المسيرية جبل والعرب.
اشرت بالإجابة بلا اعلاه لأن طبيعة الصراع تتخذ من غرب دارفور مسرحا لكنه فرعي من المسرح الرئيسي الخرطوم، إلى جانب ارتباطه بمحركات العلاقة بين المكون العسكري والصراع حول السلطة، إذن كل ما يتم يمثل تعامل مع الفرع دون الأصل.
لماذا غرب دارفور على وجه التحديد ظلت تمثل المسرح الآخر؟ التقصي يشير إلى أن تاريخ الولاية والمليشيات وعلاقتها بالمؤتمر الوطني سابق لعلاقة الدعم السريع بها، حيث أن الدعم السريع حينما أعلن عنه في 2014، إعتمد على قادة من قوات حرس الحدود 2004 وقادة قبليين ظلوا في تمحور الصراع بالإقليم منذ 1996.
طبيعة العلاقات الأهلية في غرب دارفور مرتبطة بسلطنة المساليت، حيث يمثل سلطان المساليت رأس الإدارة الأهلية على كافة القبائل، أي العلاقة بينهم أقوى من العلاقة بين الإدارة الأهلية وقانون الحكم المحلي من حيث الواقع على الارض.
خطوة وثيقة وقف العدائيات والإشارة إلى طرفيها بالمساليت والقبائل العربية تمثل خطأ استراتجيا، لان القبائل العربية لا تمثل كتلة واحدة تجاه الموقف من الصراعات فقد نأى بعضها عن المشاركة في ذلك، من جانب آخر في الأحداث وجود المساليت هو وجود اغلبية بينما توجد قبائل أخرى أغفالها أو إقصائها أمر ينتقص من أطراف الحالة، سلطان المساليت لا يمثل المساليت فقط بل يمثل كل المكونات الخاضعة لإدارته، إذن وضعه الطبيعي ليس طرفا في الاتفاقات بل محورا لكافة العلاقات والحلول والمشهد الاهلي.
الحل يظل مرتبطا بحل الازمة المرتبطة بالحالة السياسية ومراكز صراعاتها داخل أطراف المكون العسكري، وهذا ما يفسر مشاركة لأفراد أو مجموعات من الدعم السريع كمشترك فب أغلب الحالات، لكن بالمقابل لا يمكن تصوير الصراع ليشمل كافة القبائل العربية بما يقصد به وضع الدعم السريع كقوى إجتماعية مؤثرة للتأسيس لهدف سياسي في مسار الصراع حول السلطة.
حالة الاستقرار بغرب دارفور رهينة بحل الصراع الاساسي المرتبط بالتحول المدني في السودان، لانه حينها ستختفي المسببات التي تتكرر من صراع فردي حول ملكية ارض، مقتل افراد وتتبع الاثر ثم رد الفعل الواسع المسلح وتحول الحالة لنزاع واسع.