حملة 16 يومًا.. كيف تعمّم اليونيسف “منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين” على الموظفين والشركاء
مدنية نيوز: يونيسف
حلّ 25 نوفمبر ومعه بدأت حملة 16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وهي الفترة التي كُرِّست لتحفيز العمل من أجل إنهاء العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
رفعت الحملة هذا العام شعار “فلنتحد! ولنعمل على إنهاء العنف ضد النساء والفتيات”. وسوف نتحدث في هذه المناسبة إلى خديجة النظيف عجب، أخصائية برنامج اليونيسف لمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيّين.
قدّمت عجب تدخّلات لمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين في كل من اليونيسف والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مما ساهم في القضاء على الاستغلال والانتهاك الجنسيين في المجتمعات المحليّة، وخاصة تلك المستفيدة من برامج الأمم المتحدة.
أصبح منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين جزءًا لا يتجزأ من برامج اليونيسف وتدخلاتها وسياستها الداخلية، فكيف حدث ذلك؟
قُبيل بداية الالفينات ، تأثرت صورة وسمعة الأمم المتحدة بسبب حالات الاستغلال والانتهاك الجنسيين المُبَلَّغ عنها والتي حدثت بين مستفيدين، خاصّة في بعثات حفظ السلام في جميع أنحاء العالم. ونتيجة لذلك، اضطرّت الأمم المتحدة إلى وضع سياسات وآليات لحماية المجتمعات المحليّة من أي إساءة في استخدام السلطة أو استغلال لها، وتشمل تلك الحماية اللاجئين والعائدين والمجتمعات المضيفة وغيرهم ممن يتلقون الدعم من وكالات الأمم المتحدة.
س) ما أهمية منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين؟
حين نقدّم برامجنا للمستفيدين، فإنهم لا يتوقعون منا أن نقدّم لهم الخدمات فحسب، بل يتوقعون أن نقدمها لهم بطريقة إنسانية أيضًا. عندما تحدث الانتهاكات من جانبنا، فإن هؤلاء المستفيدين يفقدون الثقة بنا، وفي هذه الحالة يكون الأثر أسوأ لأننا نعتبر عاملين في المجال الإنساني. يؤدي هذا أيضًا إلى الإضرار بسمعتنا، لأن المجتمع المحلّي ينظر إلى اليونيسف وشركائها ككيان واحد يضمن القيام بتعميم السياسات والمعرفة المتعلقة بمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين عبر برامج وتدخلات اليونيسف.
يستغرق بناء الثقة الكثير من الوقت، ولكن استعادة الثقة هو أمر صعب جدًا، بمجرد أن يلحق بها الضرر.
لذلك، يهدف منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين إلى تمكين طاقم الموظفين والشركاء عن طريق تزويدهم بالمعرفة حول حماية المستفيدين من التعرض للاستغلال والاعتداء الجنسيين، في الوقت الذي نواصل فيه تقديم برامج مُنقذة الحياة.
س) كيف تدمج اليونيسف منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين في برامجها؟
تقدم اليونيسف برامجها من خلال الشركاء المُنَفِّذين، وهذا يشمل المنظمات الدولية والوطنية والجهات الحكومية. وعلى هذا النحو، تتأكد اليونيسف قبل عقد أي اتفاقية شراكة من وجود سياسات منع الاستغلال والاعتداء الجنسيين، والتي تتضمن سياسة عدم التسامح مطلقًا مع الاستغلال والانتهاك الجنسيين لدى تلك المنظمة أو الجهة.
يلي ذلك دورات تدريبية مصمّمة خصّيصًا لجميع الشركاء المنفذين حول منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين، قبل تنفيذ البرامج التي تدعمها اليونيسف.
تغطّي الدورات التدريبية موضوعات مثل برمجة نهج اليونيسف القائم على الحقوق ومسارات الإبلاغ والمساءلة للسكان المتضررين، من بين أمور أخرى. وتتأكد من أن الشركاء قد فهموا أدوارهم في حماية المستفيدين من الاستغلال والانتهاك الجنسيين، أثناء قيامهم بتنفيذ البرامج.
س) كيف عمّمت اليونيسف منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين في برامجها؟
فيما هو داخل إطار اليونيسف، فإننا نضمن حصول الموظفين على التدريب، بالإضافة إلى وجود دورة تدريبية لمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين على موقع أغورا ” Agora” (منصّة تدريب عبر الإنترنت لطاقم الموظفين) وهي متاحة وإلزامية للموظفين الجدد والمتطوعين عند انضمامهم إلى المنظمة.
بالإضافة إلى ذلك، قمنا بتحديد هوية مناصري منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين وتدريبهم، في جميع الوحدات في مكتب الخرطوم، وهناك اثنان من المناصرين (ذكرًا وأنثى) في كل مكتب من المكاتب التابعة للولايات. يقدّم هؤلاء الدعم من خلال رصد الحالات في المكان والإبلاغ عنها، ونشر المعرفة حول منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين للشركاء وداخل اليونيسف.
يتم تنفيذ خطة عمل اليونيسف لمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين في السودان بالتعاون الوثيق مع جميع أقسام اليونيسف لضمان سير الأنشطة الواردة على نحو انسيابيّ في البرامج اليومية.
والأهم من ذلك أننا نتأكد من فهم الموظفين لأهمية الإبلاغ عن الحوادث وأنهم يشعرون بالراحة عند القيام بذلك، بينما تضمن الإدارة تطبيق سياسة الحماية من الانتقام وتطبيقها.
س) تتعاون اليونيسف مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى بشأن منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين، مثل العمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيمات اللاجئين. أخبرينا المزيد عن عملكم في منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين مع اللاجئين؟
يعتبر اللاجئون بالنسبة لعملنا جمهورًا مستهدفًا مهمًا وهشًّا للغاية. بوصولهم إلى بيئة جديدة وغير مألوفة، يواجه اللاجئون عقبات في الحصول على الخدمات الأساسية، مما يعرضهم لخطر سوء المعاملة والاستغلال. يؤثر حاجز اللغة في بعض الأحيان على قدرتهم في الحصول على الخدمات، مما يعرّض وضعهم الهشّ أصلًا للخطر.
علاوة على ذلك، فإنه من النادر أن يفهم اللاجئون سياق البلد، ولا يدركون في كثير من الأحيان أن دعم الأمم المتحدة مجانيّ، فيصبح ذلك مدخلاً آخر لسوء المعاملة.
كل هذه العوامل تجعل منهم هدفًا. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن بعض المستفيدين، مثل الأطفال غير المصحوبين بذويهم وكبار السن وأصحاب الإعاقات والأمهات العازبات، يواجهون مخاطر أكبر بسبب هشاشة وضعهم.
س) ما نوع الدعم الذي تقدمونه للناجين من الاستغلال والانتهاك الجنسيّين؟
تقدم اليونيسف رزمة من الخدمات والدعم بناءً على النهج الذي يركّز على الناجين، مع مراعاة سلامتهم وحفظ سريتهم.
أولاً، نشرح لهم عن الدعم الذي نقدمه، وبعد ذلك يتخذون قرارات مبنية على المعرفة بشأن الخطوات التالية.
في حالة الاغتصاب، يتم تزويد الناجية بالعلاج الطبي، ويشمل رزمة أدوات الوقاية لما بعد التعرّض للاغتصاب، والتي تعتبر مهمة للغاية في منع الحمل ومنع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لفترة تمتدّ ما بين 24 و72 ساعة بعد وقوع الحادث، بالإضافة إلى تلقّي الدعم النفسي بناءً على مسار الإحالة الخاص بصندوق الأمم المتحدة للسكان.
يتمّ تقديم الدعم الطبي من خلال مجموعة الأطباء المدربين التابعين لصندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث يتم الوصل بين الناجيات والخدمات الأقرب لمواقع سكناهنّ. كما يتمّ تدريب المستشارين على دعم الناجيات وعائلاتهنّ.
في حالة تعرُّض سلامة الناجية للخطر بأي شكل من الأشكال، فإن اليونيسف تعمل أيضًا مع الشركاء لتوفير المأوى المؤقت لهنّ.
وأخيرًا، نقيم إضافة إلى ذلك صلة وصل بين الناجيات وجهات الدعم القانوني، ونوفّر إمكانية التواصل مع المحامين الذين يتطوعون بوقتهم لتقديم المشورة القانونية.
س) كيف تدعمون عمل “منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين” عندما يتعلق الأمر بالفتيات؟ أخبرونا عن جهودكم في المدارس؟
تتصدّر اليونيسف تقديم الخدمات للطفلات الناجيات، والعمل بشكل وثيق مع عائلاتهنّ. وبالإضافة إلى الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي والقانوني، فإننا نقوم أيضًا بإيجاد صلة وصل بين الناجيات، بمن فيهنّ الطفلات وعائلاتهنّ، وبرامج اليونيسف التنموية والاجتماعية. وهذا يشمل دمجهنّ في الأنشطة المدرة للدخل أو إعادة دمجهنّ في المدارس التي ندعمها.
نواصل الدعوة إلى إيجاد مدارس آمنة وصديقة للأطفال. المدارس هي أماكن مهمة وفيها يجب أن يشعر الأطفال بالأمان والحماية. لكن لسوء الحظ، فقد تم الإبلاغ عن حالات تعرّض فيها الطفلات إلى سوء المعاملة من قِبَل المعلمين. كذلك، فإننا نعمل مع المعلمين لتصميم مدونة سلوك لمدارسهم، بعد تدريب مكثف على حماية الطفل ومنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين. حتى الآن، قمنا بتغطية ولاية غرب كردفان، ولدينا خطط سارية لتدريب المعلمين في الخرطوم. وهذا سيضمن بقاء المدارس أماكن آمنة لتعلّم الأطفال.
س) هل تُدرّبين موظفي اليونيسف، وماذا كانت النتيجة؟
نعم، أقوم بتدريب موظفي اليونيسف على سياسات منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين، وأتأكد من قيام المنتسبين الجدد بالالتحاق بالدورة التدريبية في أغورا. النتيجة هي فهم أفضل لما يستتبعه منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين، والأهم من ذلك هو فهم الموظفين للمسؤولية الملقاة على عاتقهم للإبلاغ عن الحوادث.
أنا فخورة جدًا بالموظفين ومناصري منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين الذين يقومون بدورهم على أفضل وجه ويستمرون في نشر المعلومات لشركائنا.
وأنا أعمل أيضًا مع مجموعة الدعم في اليونيسف، مثل عمال النظافة والحراس، وبعد التدريب وجهًا لوجه، يُطلب منهم إجراء التدريب الذي تقدمه أغورا عبر الإنترنت. حتى الآن، استطاعت سيدة تعمل في الحراسة أن تًكمل الدورة وحصلت على شهادة بذلك. وقد شجع هذا الأمر الآخرين على فعل الشيء نفسه.
س) ما هي التحديات التي تواجهينها في عملكِ كمسؤولة في “منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين” داخل اليونيسف وخارجها؟
هناك عدة تحديات:
1) وصمة العار المجتمعية التي تواجهها الناجيات وعائلاتهنّ تعيق قدرتهم على الإبلاغ عن الجناة وكذلك الحصول على الخدمات التي هم في أمسّ الحاجة إليها.
2) لا تُبَلِّغ العديد من الناجيات عن الحوادث لأنهنّ يخشين انتقام الجاني ومنعهنَّ من الحصول على الخدمات الحيوية. عندما لا يتم الإبلاغ عن الحالات، يزداد الجناة تمكّنًا مما يعزز سوء المعاملة. يجب علينا كسر هذه الدائرة.
3) الإجراءات القانونية بطيئة، الدعاوى مرهقة، والعملية طويلة ومُكلفة. ونتيجة لذلك تتخلى العديد من العائلات عن العملية برمّتها. أما بالنسبة لنا كمنظمة اليونيسف، فمن الصعب علينا تقديم الدعم المالي للدعاوى القضائية لأن العملية قد تستغرق سنوات في السودان. وبالتالي ينتهي الأمر بأن تجد العائلات أمامها خيارات محدودة، مثل قبول تعويض من الجاني.
لهذه الأسباب، فإننا نعمل عن كثب مع المجتمعات المحلية لزيادة الوعي والتأكد من فهمهم بأن الإبلاغ عن وقوع حادث هو أحد حقوقهم، ولنشر سياسة عدم التسامح مطلقًا مع هذا الموضوع، وسياسة الحماية من التعرّض للانتقام.
س) هل لدى جهود منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين إطار عمل للرصد والتقييم؟ إن كانت الإجابة بنعم، فكيف يعمل هذا الإطار وكيف تقيسون تأثيره؟
لدينا 22 مناصِرًا من وحدات مختلفة في الخرطوم والولايات، وهم يراقبون التقدم وتأثير برامج ومشاريع منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين.
ونقوم نحن أيضًا، كفريق، بزيارات ميدانية لرصد عملنا وإجراء الاستشارات المجتمعية ونشكّل مجموعات استماع مجتمعية بالتعاون مع وحدة تغيير السلوك الاجتماعي.
س) هل من أفكار أخيرة تريدين مشاركتها؟
أود أن أؤكد أن برامج منع الاستغلال والانتهاك الجنسيين تظل أولوية بالنسبة لليونيسف، وأن من يشرف على تنفيذها هي الممثلة و نائبة الممثلة في المنظمة وأنا. تم إبلاغ الموظفين والشركاء بمسارات الإبلاغ بما في ذلك التواصل مباشرة مع مكتب النزاهة.
أخيرًا، بينما نتابع 16 يومًا من الأنشطة، أود أن أكرّر أن الاستغلال والاعتداء الجنسيين (SEA) هما شكلين من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي المبني على إساءة استخدام السلطة من قِبَل عُمال الإغاثة ضد السكان المتضررين. وهو يقوم على عدم المساواة بين الجنسين واختلال توازن القوى وعدم احترام حقوق الإنسان. قد يحدث الاستغلال والاعتداء الجنسيين في أي مكان ضد أي شخص، ولكن خطرهما يزداد في حالات الطوارئ. يمكن أن يأتي الاستغلال والاعتداء الجنسيان من أي شخص، ولكن الأشخاص الأكثر سلطة وقوة هم الجناة على الأرجح، بينما يكون الأشخاص الأقل قوة وسلطة هم الأكثر هشاشة وعرضة للوقوع ضحايا. يتمتع عمال الإغاثة بسلطة أكبر، على من هم هناك أصلًا لخدمتهم.