الخميس, يونيو 26, 2025
مقالات

في ذكرى الثورة.. يا شارعاً سوّا البدع

بقلم: حسين سعد

تحل علينا يوم الإثنين القادم الموافق السادس من أبريل 2020م، ذكرى دخول الثوار الى ساحة الاعتصام بالقيادة العامة للقوات المسلحة في 2019م، وللسودانيين تاريخ عامر من البطولات من أكتوبر 1964 إلى مارس ابريل 1984م الى أبريل 2019م، ومن قبل كتب شاعر الشعب محجوب شريف (حمد لله ألف على السلامة إنهد كتف المقصلة)، كما تغنى الهرم وفنان أفريقيا الأول محمد وردي، برائعة الشاعر محمد الفيتوري(أصبح الصبح.. ولا السجن ولا السجان باقي.. وإذا الفجر جناحان يرفان عليك وإذا الحزن الذي كحل هاتيك المآقي.. والذي شد وثاقا لوثاق.. والذي بعثرنا في كل وادي.. فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي).

سلمية سلمية:

واليوم سوف نعيد تضحيات ونضالات شعبنا وصبره لرصد ملامح من العظمة والجمال في بنية الثورة الحية الباقية المنتصرة، مر عام بإنجازاته وتحدياته مر على تحدي شعبنا الجسور، وقراره بالاعتصام امام القيادة العامة تأكيدا لإعلان ثورته في حلقتها الأخيرة على الظالم المستبد عدو الحياة.

ولم تكن ثورة هذا الشعب التي حاول المتسلط وصفها بالقبلية حتي جاء الرد سريعا (يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور)، انتفض البركان وثار الشعب  الأعزل في القرى والأرياف والمدن وهو يردد(سلمية -سلمية ضد الحرامية) فالتحرر من التسلط  كان هدف سام لشعبنا لذلك بذل من أجل تلك الغاية (دماء عزيزة. ولا زال صدى الهتاف (شهدانا ما ماتوا عايشين مع الثوار ) يتردد، استلهاما لبشريات الانتصار وتثبيتا للآمال في الفرحة التي باتَ ينتظرها شعبنا في كل يوم، ولا تغيب عن خياله لحظة، حتى وكأنّها تتجلى له في يقظته، إيماناً منه بالنصر القادم، ويقيناً بزوال الظلم والطغيان، واعتقاداً راسخاً بهزيمة كل ظالمٍ مستبد.

ياشعبا لهبت ثوريتك:

(حنبنيهو)، كان الأمل وما زال، ولن يزال حادي مسيرة شعبنا الجسور لتحقيق اهدافه القريبة والبعيدة، وبالرغم من صعوبة المشوار إلا أن غيمة الآمال التي ظللت الثورة مازالت واعدة ومبشرة بالخصب والنماء والتقدم، طوال هذه المسيرة الحافلة بالبطولات والتضحيات كان أعداء الشعب ينثرون الإحباط والتخويف والتهديد، لأنهم لم يغنوا(ياشعبا لهبت ثوريتك) ولم يسمعوا خطاب رئيس مجلس الوزراء  عبد الله حمدوك، الخاص بمبادرة القومة للسودان -الحملة الشعبية للبناء والتعمير)، وقال حمدوك: منذ أن أدينا القسم كحكومة واجهتنا قائمة طويلة من التحديات والمشاكل والعقبات التي عقدنا العزم على التغلب عليها.وأضاف ( كلي ثقة بأن التماسك والتآزر الذي ظهر في الفترة الماضية هو نقطة الانطلاق الحقيقية التي من خلالها سنتمكن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة).

المهمة والأمل:

الأمل الذي تتنسمه بلادنا اليوم، يتمثل في إرادة شعبنا الخلاق في دعم  مهمة حمدوك وفريقه بتفويض من الشغب، لم يعد ذلك الأمل عنوانا باهتا ملتبسا، أو سحابة صيف سرعان ما تنقشع،بل هو اليوم أمل محدد المعالم، واضح الفواصل والأركان، ينطلق من وإلى إرساء دولة مواطنة حقيقية، تحنو على جميع أبنائها، بلا إقصاء دولة فيها الحقوق متساوية تعليم-صحة-وتحقيق السلام، وعونا على أداء الواجبات، وضمانا لتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون.

هذا الأمل الكبير بدأت بوادره اليوم تتحق، ونحن نستقبل كوكبة من (الشفاتة والكنداكات) من رفاق النضال  المسلح وسودانيي المهجر، وهم يسترجعون حقوقا أساسية طالما حرموا منها ظلما وتحكما، فاضطروا للعيش بعيدا عن أوطانهم وأهلهم وقد منعهم المتسلط وزمرته حتى من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على آباء وأمهات وأعزة عبروا إلى الدار الآخرة، في ظل غيبة أقاربهم القسرية، لكن الأمل والإصرار على تحقيق غايات سامية جاء من ثورتنا الظافرة التي انطلقت من الارياف والمدن تلبس اليوم زينتها لاستقبالهم بالأحضان والزغاريد والروراي عقب حل قضية الحرب والسلام وتحقيق سلام شامل ودائم يحل القضية القومية ويحترم ويعزز التنوع الفريد لشعبنا الجسور.

القصاص ومحاربة الفساد:

اتجاهات الأمل الجديد متعددة ومتشعبة تستهدف إنصاف المواطن وانتشاله من واقعه الأليم المتطاول، ومحاصرة الفساد الذي أحبط مسيرته طوال العقود، وقص مخالب وأنياب قططه السمان وحيتانه الكبيرة والصغيرة، وصولا إلى تدابير تجتث نبتته الخبيثة وتزيل حواضنه وتستعيد الأموال الوطنية المنهوبة، والتي تم الاستيلاء عليها من غير حق، خلسة أو جهارا، ثم تحين مساءلة المختلفين والفاسدين.

وتزداد جرعة الأمل اليوم وتتجدد في نجاح الحكومة الانتقالية، في القصاص للشهداء والمصابين ودفع ضرر لمفصولين وعودة ظافرة للمفقودين ومحاربة الفساد ومحاكمة الانقلابيين والمتسلطين وتحقيق العدالة بين المواطنين بالقسط، حتى لا يضيع حق لأحد ولا يظلم أحد أو يعتدى عليه.

وتزداد الآمال أيضا في ضمان العيش الكريم في الحد الأدنى للأسر والأفراد ممن هم في دائرة الفقر المدقع، أو ذوي الإعاقة، وجرعة الأمل أيضا في توزيع الثروة الوطنية.

خاتمة:

تسببت ثلاثة عقود من حكم النظام المخلوع في تخريب كبير وتركة مثقلة بالقتل والدمار والخراب والسياسات الخاطئة التي بنيت على قاعدة أولوية البقاء على الكرسي، وأفضت لاحقًا إلى انتهاج سياسات التحرير الاقتصادي المفصلة على مقاس أفراد محددين مدفوعين بالبحث عن النمو الكمي، وفي أذهاننا ما ظهر للعلن من (مثلث حمدي) على حساب التنمية الشاملة.

إن تعافي السودان رهين بتعافي اقتصاده، ويعتمد الأخير على السياسات الصائبة التي تدفع أوسع قطاعات في المجتمع إلى المشاركة في عملية البناء والتنمية ذات المردود الفردي والجماعي، ووضع حد لمعدلات الفقر المتزايدة، بينما بلغت معدلات البطالة مستويات غيرمشهودة.

أخيرا نردد مع شاعر الشعب المحجوب الشريف (السجن ترباسو انخلع.. تحت انفجار الزلزلة.. والشعب بي أسرو اندلع حرر مساجينو وطلع.. قرر ختام المهزلة.. ياشارعا سوا البدع أذهلت أسماع الملا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *