عن الحرب.. القهر والاعتداءات.. والنزوح: إفادات على لسان المدافعات عن حقوق الإنسان
– كررنا تجربة النزوح مرة ثانية بعد احتلال الجزيرة
– اضطررنا للخروج من منازلنا للبحث عن مكان آمن لأسرنا وأطفالنا
– يلازمنا شعور بالقهر والخوف من الملاحقات المستمرة من قبل الأجهزة الأمنية
أم درمان: مركز الألق للخدمات الصحفية
عقب اندلاع الحرب فى 15 ابريل 2023 بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى الخرطوم، نزح الآلاف من الناس بحثا عن ملاذات امنة داخل وخارج السودان هربا من القتل والاغتصاب، ومعظمهم من النساء والاطفال. في مقدمة هؤلاء النساء كانت المدافعات والناشطات فى الدفاع عن حقوق الانسان اللاتى وقع عليهن العبء لاعتبارين، الاول : انهن نساء، والثانى أنهن مدافعات عن حقوق الاخرين خاصة حقوق النساء. كانت تلك المدافعات يعملن على رصد الانتهاكات مع ازدياد حالات العنف المبنى على النوع الاجتماعى من اغتصاب وزواج فسرى واعمال السخرة التى تجبر النساء على القيام بها فى بعض المناطق التى تتواحد فيها قوات الدعم السريع، حيث وقعت حالات اغتصاب بلغت اكثر من 350 حالة فى الخرطوم ودارفور سجلتها وحدة العنف ضد المراة واكدتها تقارير دولية.
وهنا برز دور المدافعات عن حقوق الانسان فى عملية الرصد للانتهاكات والبحث عن ملاذات آمنة للنساء المغتصبات، الى جانب ذلك يعملن على مساعدة النساء وتقديم الخدمات فى دور الايواء.
كيف واجهت المدافعات هذا الواقع المتغير فى ادوراهن وهن اصلا متهمات من قبل الطرفين بالعمالة والتجسس والارتزاق..؟
هذه إفادات سجلها مركز الالق للخدمات الصحفية ضمن دراسة تقييمية فى ولاية الجزيرة، هدفها ان تلفت الانتباه لشريحة مهمة منخرطةفى الدفاع عن حقوق الانسان وتستعرض معاناتهن كنساء وكمدافعات منذ اندلاع الحرب، واضطرارهن، كغيرهن من السودانيين، الى النزوح بعيدا عن ديارهن.
و سنتجنب ذكر اسمائهن لضمان سلامتهن لتواجد البعض داخل السودان.
( س م ) ::بعد توسع الحرب فى الجزيرة وما صاحب ذلك من المضايقات والمطاردة من قبل الاجهزة الامنية والاستخباراتية تلقيت واسرتى تهديدات اضطررت معها للمغادرة وفقدت بذلك عملى ومصدر رزقى كمحامية
(ح .ر ): التواجد فى مناطق الاشتباكات المستمرة مع عدم وجود حماية للصحفيين والصحفيات ، واحتمال مواجهة اتهامات بالتجسس من احد اطراف النزاع لصالح الطرف الاخر ، ومصادرة الهاتف ، وعدم الامان فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والتعرض لمخاطر التهكير والاختراق، كل ذلك جعلنى أعيش في حالة توتر وخوف دائم على نفسى واخوتى مما دفعني للنزوح.
(ش .ن ) : اضطررت للخروج من المنزل فى ظروف قاسية بسبب الحرب في الجزيرة ومعى والدتى، وهى مريضة، واشعر بالقهر كون أني خرجت مجبورة خارج البلد ،كنا كأسرة صامدين كل السنين الماضية رغم الصعوبات المعيشية لاننا نحب بلدنا، ورفضنا أى فرصة توفرت لنا للخروج من السودان حتى نخدم وطننا وأهلنا، وبصراحة فإن هذه الأسئلة والإحساس بأن هناك جهة تهتم بأوضاعنا وبمعاناتنا أرجعتنى لروح العمل مرة اخرى
(س. م ) : بعد أن كنا نستقبل النازحين ونمد لهم يد العون، اصبحنا نحن نازحين بعد ان امتدت الحرب الى الجزيرة. بعد الهجوم على ودمدنى خرجت انا واسرتى من منزلنا إلى منزل الأسرة الكبيرة فى ريف ودمدنى، لم ناخذ معنا سوى القليل من الملابس، وأقمناونحن 41 شخصا فى منزل واحد. فى اليوم الرابع دخل المسلحون المنطقة واطلقوا الرصاص داخل المنازل ونهبوا الأغراض مما أصابنا بالرعب، قررنا النزوح لمنطقة اخرى امنة سيرا على الاقدام، نساء واطفال وكبار سن ومرضى لعدم توفر مواصلات. وكانت الطرقات مزدحمة بالفارين من القتال ،وصلنا الى مكان آمن، ثم تعرضنا لهجوم من المسلحين فخرجنا وقصدنا منطقة المناقل فى رحلة استغرقت 12 ساعة.
(ل. س ) : بعد احتلال قوات الدعم السريع للمنطقة أصبحت حركتنا مقيدة بل أصبحت الحركة خارج المنزل مستحيلة، وتعرضنا للتهديد. حضر 3 افراد مسلحين للمنزل فحدث رعب وتهديد واشهار للسلاح فى رأس ابن شقيقتى وسرقوا كل مانملك، استطعنا فقط تأمين التيلفونات حيث كنا نقوم بإخفائها ونخرجها للاستعمال فقط وبسرعة. كما حاولوا اقتياد ابنة شقيقتى، لكن بحمد الله نجت من ذلك، و كانت ساعة مرعبة اتمنى ان لا نرى مثلها مرة اخرى . لقد اصبحنا مغلوبين على أمرنا، ولم ننشر ما تعرضنا له حتى نجد طريقة نخرج من مكاننا هذا ، وكنا نجد صعوبة فى التواصل مع الأشخاص أو المجموعات التى كنا نعمل معها
(خ . أ ) : كانت هذه التجربة الثانية للنزوح ، فقد كانت الأولى نزوحنا من الخرطوم للجزيرة. لكن كانت التجربة الثانية في الجزيرة أشد قسوة، حيث كنا نستعد لتناول الشاى فى الصباح عندما سمعنا صوت المدافع والرصاص، حصل خوف كبير وسط النازحين فى المجمع الذى كان يضم نحو 7 الف اسرة نازحة في (3) داخليات كبيرة . حصل تدافع للخروج من المجمع بشكل عفوى ،كنت اشعر بارتفاع الضغط وكان المنظر حزينا.
قطعنا كبرى حنتوب سيرا على الأقدام، أطفال ونساء وكبار سن ومرضى وذوى الاعاقة، ذهبنا للبحث عن وسيلة نقل نحو سنار او سنجة، ظللنا ننوم ونصحى على مشهد الحرب، كان الضرب شديدا أرعب الاطفال والنساء ، كان أسوأ مما شهدناه في الخرطوم، الرصاص ينزل على الناس، فقدت أمى لفترة ، تساثط رصاص في الساحة امام مركز الإيواء، طفلتى كانت ممكن تموت بالرصاص ليلا ، الطلقة وقعت فى المكان الذى كانت تقف فيه ابنتى، دائما اتخيل ماذا سيكون شعوري لو أن ابنتى قتلت أو اصيبت بطلقة تسببت لها فى إعاقة، وكلما أتذكر المنظر وما حدث اشعر بارهاق نفسى لايوصف ولا استطيع النوم.
منتدى الاعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: مركز الألق للخدمات الصحفية
#ساندوا_السودان