الركيزة … المصارحة ومعالجة الأزمات
بقلم: أيمن سنجراب
خلف النظام المخلوع ورثة ثقيلة لحكومة الفترة الانتقالية التي تسلمت السلطة عن طريق الثورة عقب الإطاحة بنظام الحركة الإسلامية الذي استنفد كل مبررات بقائه التي كان يسوقها ويغلف بها وجوده غير الشرعي على سدة الحكم.
الأزمات التي خلفها النظام الذي أطاحت به الثورة اثقلت كاهل الحكومة الجديدة لدرجة إصابتها بالدوران فالأزمات تحيط بها من كل جانب فأصبحت في حيرة من أمرها من أين تبدأ وبم تعجل فهي لم ترث وضعا يمكن البناء عليه لأن حجم الدمار كبير للغاية والخناق قد أطبق تماما على المواطنين ولا زالت أيادي النافذين في النظام المخلوع تعبث لإجهاض الثورة والحيلولة دون إكمال أهدافها.
المدخل الصحيح لمعالجة الأوضاع يتمثل في المصارحة بعرض الحقائق على الشعب فهو من أنجز الثورة وهو حاميها وحارسها ولا يمكن إخفاء الحقائق عنه وهو صانع وصاحب الإنجاز العظيم.
ومن المهم تمليك المواطنين المعلومات بكل شفافية عن الأزمات في كل جوانبها والمتعلقة بالسلع الاستراتيجية والمواصلات وما يتعلق بإحكام السيطرة على الأسواق ومحاولات إعادة العافية للعملة الوطنية واستعادة مؤسسات الدولة من فك النظام المخلوع، وغيرها بما يجعل المواطنين محيطين بالأوضاع.
الشعب هو أساس كل شئ ولا ينبغي التعامل معه بإخفاء الحقائق، والمعلومات يمكن أن تكون من أعظم ما تقدمه له الحكومة ليساعدها بالعمل على إيجاد الحلول والصبر وتقديم الحماية اللازمة لها.
إخفاء المعلومات يهز ثقة الشعب في الحكومة، وما يضعف الحكومة أكثر هو حديث أطراف رئيسية في التحالف الحاكم حاليا (قوى الحرية والتغيير) عن الانتخابات المبكرة حال فشل الحكومة، فكيف لمن هم في الحاضنة السياسية للحكومة أن يعلنوا مثل ذلك الحديث بإشاراته السالبة لمن هم في كابينة الحكم وللشعب وللمجتمع الدولي.
على مكونات قوى الحرية والتغيير أن تتحلى بالمسؤولية اللازمة وتساند الحكومة التي أتت عن طريقها وتقوم مسارها بدلا أن تكون معولا للهدم ومن أسباب الفشل.
خطورة حديث أطراف بالتحالف الحاكم عن فشل الحكومة والانتخابات المبكرة في أنه يهز ثقة المواطنين في الأحزاب والقوى المشاركة في الثورة، وسيتطلب الوضع وجود مركز جديد للثورة في مرحلتها الثانية حيث ستكون الثقة قد اهتزت في قوى الحرية وتجمع المهنيين السودانيين، وحينها ستبرز لجان المقاومة كمركز جديد للثورة وسيحتاج الوضع وقتا طويلا حتى يتم استعدال الأمور، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار تحركات عناصر الردة للأوضاع القديمة!.
وبالنظر لتلك المخاطر على الأطراف المستعجلة للانتخابات أن تدرك أنها سترث كل ما ورثته الحكومة الحالية إن صدقت توجهات تلك القوى بعقد الانتخابات، كما أنها لن تجد التأييد الذي تجده الحكومة الحالية، ولن تتمكن من تحقيق النجاح فماذا يمكن أن تفعل لمعالجة الأوضاع الراهنة ولم تفعله الحكومة الانتقالية؟!، ومن الأفضل دعم الحكومة الحالية لتنجز ما هو مطلوب خلال الفترة الانتقالية وتهيئ الأوضاع للانتخابات بما يمكن من استمرار مسيرة الوطن عبر التداول السلمي للسلطة.
والسؤال الذي يبرز وتتطلب الإجابة عليه شجاعة هو(ماذا سيحدث لو لم تفلح الحكومة التي ستأتي بالانتخابات حال فشل الحكومة الحالية، وهل ستبرز أصوات ثانية للمطالبة بانتخابات أخرى للتخلص من الحكومة التي ستستلم الحكم عبر انتخابات على أنقاض حكومة الفترة الانتقالية؟.
على القوى الديمقراطية السعي لتقديم نموذج يحترمه الشعب من الأداء الديمقراطي لتكسب المستقبل، والمدخل لذلك المسؤولية المشتركة والتعاون واتباع الشفافية والحسم خلال هذه الفترة، ودون ذلك فالجميع خاسرون!!.