الجمعة, نوفمبر 22, 2024
حواراتمجتمع

الناشط المجتمعي الشيخ علي النور لـ(مدنية نيوز): أناشد شركاء السلام عدم المزايدة في قضايا النازحين

معسكر (الشهيد أفندي) يحتاج مختصين في النساء والتوليد والأطفال

حوار: هويدا من الله

تسفر الحروبات دائماً عن النزوح واللجوء ففي كلا الحالتين يترك النازح أو اللاجئ مهد صباه وذكرياته الجميلة وكل ممتلكاته وأكثر من ذلك من فقد للأرواح وتشتت الأسر فينفرط عقد الترابط والتواصل، فتجمعهم المعسكرات وتدبُّ فيهم الحياة من جديد دون أن تنسيهم موطنهم الأصلي وحنينهم إليه الذي يتجدد مع شروق كل شمس.

(باو) إحدى محليات النيل الأزرق التي تأثرت بالحرب ونزح سكانها جراء أحداث العام 2011م، فاستقر بهم المقام في مدن ومناطق ودول مختلفة، وكان العدد الأكبر في معسكر الشهيد أفندي.

هذه المساحة الحوارية للحديث عن أوضاع النازحين بمعسكر الشهيد أفندي، حيث حاورت (مدنية نيوز) الناشط المجتمعي في قضايا النازحين بالنيل الأرزق الشيخ علي النور، ابن عمدة عمودية (جيقو) فإلى مجريات الحوار:

ما هي المناطق التي استوطن بها نازحو محلية باو عقب أحداث العام 2011؟

تفرق نازحو محلية باو داخل وخارج السودان، حيث استوطن بعضم في دول الجوار مثل إثيوبيا واستقر بعضهم في مناطق السودان المختلفة مثل سنار، الصابونابي، المزموم، القَرَبِين وداخل مدينة الدمازين، وفي محلية الرصيرص منطقة العزازة، شانِشا، القرِّي، أما العدد الأكبر فقد استقر بمعسكر مدينة الشهيد أفندي (جنوب شرق محلية الدمازين).

هل منطقة الشهيد أفندي كان بها سكان قبل النزوح أم أنتم من قمتم بتعميرها؟

المنطقة كانت عبارة عن خطة سكنية لم تكتمل منذ العام 2009م، وبعد أحداث العام 2011 تمت تكملة التخطيط وتوسيع المنطقة حتى تستوعب أكبر عدد من النازحين.

هل بمعسكر الشهيد أفندي نازحون من محليات أخرى غير محلية باو؟

بالمعسكر عدد كبير من النازحين من مناطق – على سبيل المثال لا الحصر – (مِديَم، مُقنزا، ديرنق، وفادمية)، وكلها تتبع لمحلية باو، بالإضافة إلى عدد مقدر من نازحي المحليات الأخرى تختلف سنوات نزوحهم، مثلاً نازحي مقنزا ودرينق ومديم تم ترحليهم إلى الشهيد أفندي بعد حرق قراهم في العام 2015م، وحتى الوقت الراهن لا توجد إحصائية دقيقة لعدد النازحين بمعسكر الشهيد أفندي نسبة لاستمرار توافد النازحين.

كم عدد المشايخ بالمعسكر؟ وكيف يعمل نظام الإدارة الأهلية فيه؟

بالمعسكر عدد (٣) عموديات وهي (جيقو، طيقو، وفادمية) وبها عدد (٢٢) شيخاً يرأسهم العمدة علي النور عمدة عمودية جيقو وهو يتولى حل كل المشكلات الأهلية بالمنطقة، والجميع يقدمون له الولاء والاحترام وينصاعون لآرائه.

ما هو دور الشباب بالشهيد أفندي للحفاظ على التعايش السلمي؟

هنالك انسجام تام بين كل شباب المعسكر، وأكبر دليل على ذلك هو وجود لجنة خدمات وتطوير واحدة بمعسكر الشهيد أفندي.

وأيضاً يقوم الشباب بعمل مهرجانات ثقافية ورياضية دورية تحت شعار (بالرياضة والثقافة نحقق السلام)، ونعني بالسلام هنا السلام الاجتماعي في المقام الأول، السلام الذي يحترم الآخرين خاصة وأننا تجرعنا مرارة الحرب جميعاً وذقنا ويلاتها، لذلك نسعى دائماً كشباب لعمل العديد من المبادرات التي تعزز النسيج الاجتماعي، وهذا الترابط بيننا جعل منطقة الشهيد أفندي محط انظار منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية خارج المنطقة لتقديم المساعدات الإنسانية عبر الشباب لثقتهم في أنها ستصل لكل النازحين بالشهيد أفندي.

منطقة الشهيد أفندي عمرها (9) سنوات بعمر النزوح، ما هي الخدمات المتوفرة فيها؟

حالياً المنطقة بها رئاسة المحلية بمكاتبها الإدارية، وبها (٣) مدارس أساس وهي: مدرسة الشهيد أفندي (أ)، العقاقير، ومدرسة نازحي ديرنق، ويجري العمل لإنشاء مدرسة ثانوية لم تؤسس بعد على أرض الواقع، والطلاب يدرسون في الوقت الراهن في المجمع الإسلامي حتى نتمكن مع المنظمات والحكومة من بناء المدرسة، أيضاً يوجد سوق صغير ومركز صحي به خدمة التأمين الصحي التي دخلت حديثاً في المركز، ويوجد مساعد طبي وصيدلية تكاد تكون خالية من الدواء، المركز يقدم خدماته العلاجية لنازحي الشهيد أفندي ونازحي المعسكرات المجاورة له مثل (نازحي الكرمك، حي المك، حي الوفاق، الليونة، البان جديد، وأم جمينا)، كل تلك المناطق تجعل هنالك صعوبة في تقديم الخدمة لذلك ناشدنا حكومة الولاية بضرورة إنشاء مركز صحي آخر أو توسيع المركز الحالي بإضافة غرف للحالات الحرجة التي تتطلب رعاية خاصة مع تخصيص يوم واحد على الأقل لطبيب مختص للنساء والتوليد والأطفال بالمركز.

وحالياً الزائرات الصحيات هن من يقمن بمتابعة الحالات بالمنازل لعدم توفر الطبيب المختص وهذا قد يؤدي إلى مخاطر أكبر، ولكن في ظل هذه الظروف الحرجة لا توجد لدينا خيارات أخرى.

من المؤكد أن الحرف الأساسية لسكان الشهيد أفندي قبل النزوح هي الزراعة والرعي، هل تم توزيع مساحات زراعية للنازحين بالشهيد أفندي؟

نعم، هناك مساحات زراعية تم توزيعها للنازحين ولكن لم نستطع زراعتها في العهد السابق لوجود بعض الخروقات الأمنية واستغلال تلك المساحات لصالح القوات المسلحة، أيضاً هناك خروقات من الإدارة الزراعية التي كانت تقوم بتصديق مشاريع زراعية لبعض التجار غير النازحين وإدارة البساتين أيضاً كانت تقدم (مترات) لغير النازحين.

كل ذلك كان في السابق، أما في الوقت الحاضر الحمد لله بعد ثورة التغيير تمت إعادة المشاريع و(المترات)، ولكن تظل هناك مشكلة قائمة هي بعد مسافة تلك المشاريع الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الوصول إليها وقلة العمالة (الجنقو)، وغياب النساء عن منازلهن لساعات طويلة خاصة المرضعات مما يعرض أطفالهن لمرض سوء التغذية وهو أكثر الأمراض انتشاراً في المعسكر ونسعى لمكافحته مع منظمات المجتمع المدني بتوزيع وجبات الأطفال التي أصبحت حالياً لا تغطي المعسكر لتوافد النازحين شهرياً، خاصة في ظل العودة الطوعية وعودة بعض اللاجئين مع عدم توفر مسوحات جديدة حتى تشمل العائدين الجدد.

في ظل اتفاقية السلام الموقعة في عاصمة جمهورية جنوب السودان جوبا، ما هي خططكم كناشطين بمنطقة الشهيد أفندي للعودة الطوعية لمناطق باو المختلفة؟

مناطق باو في الوقت الراهن بها العديد من المخاطر تجعلها غير صالحة للسكن، لذلك لابد من عمل مسوحات بيئية لمعرفة الآثار الجانبية على الإنسان والحيوان والتربة لمخلفات الزئبق والسيانيد التي استخدمت بكميات كبيرة، خاصة في منطقة ديرنق وإذا لم تتم تلك المسوحات تكون العودة محفوفة بالمخاطر.

ورغم كل ما سبق هناك عودة لعدد قليل من الأسر التي ضاقت بها الحياة في المدينة رغم المناشدات التي قمنا بها للحكومة وجهات الاختصاص بشأن تلك الأسر.

كيف تنظر لخدمة الكهرباء بمعسكر الشهيد أفندي التي تم توفيرها في في مطلع شهر يوليو 2020م، هل هي محاولة لتوطين النازحين في المعسكر وعدم العودة الطوعية؟

هذه الكهرباء جاءت نتيجة ضغط من لجان المقاومة وكل القوى الثورية بالمنطقة، وهي عبارة عن نسبة المسؤولية المجتمعية للشركات التي تعمل في تنقيب الكروم في أراضي باو، وكان الغرض الأساسي من الضغط هو إيقاف عمل تلك الشركات لاستغلالها موارد المنطقة دون فائدة لأهلها.

وتم توصيل الكهرباء كتخدير للنازحين للإبقاء على تلك الشركات ولإلزام المواطن على التعامل معها، ولكن كل ذلك لا يؤثر بشكل كبير على العودة الطوعية وإن رغب البعض في البقاء في الشهيد أفندي فهي جغرافيا تتبع لمحلية باو.

رسالة أخيرة ومناشدة لمنظمات المجتمع المدني والحكومة وكل جهات الاختصاص لتهيئة مناطق النازحين توطئة للعودة الطوعية، ماذا تقول فيها؟

نطلب من الحكومة الاعتراف أولاً بأن مواطن باو هو إنسان مهجر ونازح وليس متأثر بالحرب، لأن كل السودان متأثر بالحرب. وإذا لم يحدث اعتراف سوف نقدم شكوى رسمية ضد الحكومة لإضاعتها علينا الكثير من الحقوق على مستوى السودان والعالم.

أيضاً أرسل صوت شكر لكل منظمات المجتمع المدني لتقديمها يد المساعدة للنازحين، ولكن نعتبر تلك المساعدات كانت آنية وآن الأوان أن تجلس تلك المنظمات مع النازحين لتحديد أولياتهم واحتياجاتهم حسب ما يرونها.

كذلك أناشد كل شركاء السلام بعدم المزايدات السياسية في قضايا النازحين والتعامل معهم كأصحاب حق فقدوا الكثير من الأرواح والممتلكات، لذلك أتمنى أن ترسي قيم العدالة الانتقالية والسلام والحرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *