الخميس, نوفمبر 21, 2024
حوارات

صالح محمود يوضح كيفية تحقيق العدالة وموقف لجنة أديب

أجرت صحيفة (شهداء ديسمبر) حواراً مع الخبير القانوني الدولي صالح محمود حول قضايا العدالة ولجنة التحقيق الوطنية وإمكانية انتقال ملف تلك القضايا للنظر أمام القضاء الدولي، (مدنية نيوز) تنشر ذلك الحوار نقلاً عن (شهداء ديسمبر):

الخبير القانوني صالح محمود في حوار مع صحيفة (شهداء ديسمبر):

عدم التدخل لحماية المعتصمين أمام القيادة جريمة في حد ذاتها

إخفاق لجنة التحقيق برئاسة نبيل أديب سيفتح الباب لتدخل العدالة الدولية

الانتهاكات التي صاحبت الثورة من الجرائم ضد الإنسانية

على ذوي الضحايا مواصلة المطالبة بالعدالة وفقاً للمعاير الدولية

هذه الجرائم (…) ذات طابع خاص لا تنتهي بالتقادم ولا يجوز فيها العفو

\\

لم تهدأ هواجس أهل الثورة في السودان وتظل عقولهم متعلقة بمطلب تحقيق العدالة والقصاص لشهداء الثورة السودانية التي أسقطت نظام حزب المؤتمر الوطني المحلول برئاسة المخلوع عمر البشير، فقد شكلت الحكومة الانتقالية لجنة للتحقيق في مجزرة فض الاعتصمام من أمام القيادة العامة للقوات المسلحة وما صاحب ذلك من أحداث، لكن اللجنة لم تنل ثقة الجميع، وبما أن القضية أصبحت في يد المنظومة العدلية جلست صحيفة (شهداء ديسمبر) إلى الخبير القانوني والمحامي صالح محمود، وطرحت عليه بعض التساؤلات التي تدور حول هذه القضية وخرجت بالإجابات التالية:

\\

حوار: ندى رمضان

* كيف ترى سير إجراءات تحقيق العدالة في الجرائم التي وقعت خلال الثورة؟

واضح ومؤكد أن من مطالب وشعارات الثورة تحقيق العدالة، باعتبار أن الجرائم والانتهاكات التي صاحبت الثورة سمتها الأساسية أنها من الجرائم ضد الإنسانية التي تجد الاهتمام الإقليمي والدولي، وليس من ذوى الضحايا والمحيط المحلي فقط، ومن بين ذلك أحداث 3 يونيو 2019م (جريمة فض الاعتصام) التي حدثت أمام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية ومجزرة الأبيض وغيرهما من أحداث وقعت بمدن أخرى.

* ما هو المطلوب من لجنة التحقيق التي تم تشكيلها برئاسة نبيل أديب في هذا الخصوص؟

المطلوب من لجنة التحقيق المسؤولة عن التقصي في هذه الجرائم أن تستخدم المعايير الدولية في سير التحقيق، من بينها مبادئ القانون العامة، وهي مبادئ ذات صلة بالجرائم التي وقعت والقاسم المشترك فيها القوات النظامية، وهناك مبدأ التراتبية العسكرية، وهو مبدأ معروف في أي قائد عسكري مسؤول عن تصرفات جنوده، ولا يصح الإنكار في هذا الخصوص، خاصة أن المبدأ القانوني هنا هو الافتراض بالعلم.

* هل هذا يعني أن أعضاء المجلس العسكري سابقاً هم المسؤولون مباشرة عن هذا الأمر؟

مسؤولية الدولة في ذلك الوقت هي حماية الأشخاص وممتلكات الشعب، وفي تلك الفترة المسؤولية تقع على المجلس العسكري باعتباره الممسك بالسلطة في البلاد، وينطبق ذلك بالدرجة الأولى في جريمة (3) يونيو لأنها وقعت أمام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، وعدم التدخل نفسه لحماية الناس يعتبر فعلاً، لأن الامتناع عن تقديم المساعدة أو الحماية المطلوبة في اللحظة المعينة يعد مشاركة في الفعل.

* إلى أي مدى تعتقد أن لجنة التحقيق في فض الاعتصام ستؤدي دورها كما هو مطلوب؟

اللجنة المختصة تعتمد في أعمالها على قانون 1954م، ورغم تحفظاتنا على هذا القانون، لكن علمنا أن اللجنة تتمتع بتفويض وصلاحيات النائب العام ما يتيح لها استخدام هذه الصلاحيات،  ومن المآخذ على هذه اللجنة عدم استخدامها لهذه الصلاحيات، كما أن من مهامها أن تطلع الرأي العام على العقبات والصعوبات والتحديات التي تواجع عملها، وفي حالة عدم وجود هذه الصعوبات عليها أن تطمئن الشعب وأسر الضحايا، لكن اللجنة ينقصها وضع الرأي العام أمام الحقائق، والآن علمنا أنها طلبت تمديداً لمدة (3) أشهر، وكان من الممكن أن توضح مبررات هذا الطلب، وكان عليها أيضاً أن توضح دواعي التمديد ولماذ لم تنتهي من أعمالها في الفترة المحددة لها؟.

* ماذا لو أخفقت اللجنة في الخروج بنتائج تحقق الرضا لذوي الضحايا؟

الخطورة في إخفاق هذه اللجنة والإتيان بنتائج إيجابية سيفتح باباً واسعاً للمطالبة بتكوين لجنة دولية، خاصة أن مثل هذه القضايا لا تنتهي بالتقادم ولا يجوز فيها العفو، ووسط دوائر ومؤسسات لها اهتمام وعلاقة بحماية الحقوق كمنظمة حقوق الإنسان بجنيف كان هناك مقترح لإرسال بعثة تقصي لما حدث بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة من انتهاكات، والآن إذا لم تحقق اللجنة نتائجاً مقبولة سينفتح الباب للمطالبة بدخول لجنة دولية باعتبار أن هذه الجرائم تقع ضمن مسؤولية مجلس الأمن الدولي.

* كيف تفسر تخوف البعض وعدم الثقة في اللجنة برئاسة نبيل أديب؟

المخاوف تأتي من الطريقة التي تعمل بها اللجنة وغياب المعلومة التي تطمئن الثوار وأسر الضحايا، ويمكن أن تؤدي هذه الطريقة إلى فقدان الثقة ويترتب عليها ردود فعل مختلفة، وعلى اللجنة أن تصبح أكثر شفافية، ونحن نتخوف من تكرار تجربة لجنة دفع الله الحاج يوسف، للتقصي حول أحداث دارفور عندما بادر المجتمع الدولي بإرسال بعثة للتقصي، وكونت لجنة برئاسة رئيس القضاء وقتها، ورغم أن تقريرها النهائي في رأيي كان إيجابياً لكن قُصد بها خداع الرأي العام العالمي والمحلي وإحداث تغطية، ولم يعملوا بتوصيات اللجنة، وكان يمكن تغيير وصف دور القضاء السوداني في هذه القضايا لكن بدل ذلك وُصف بأنه غير راغب في تحقيق العدالة، لهذا على لجنة التحقيق أن تنتهج الشفافية وتطلع الرأي العام على مجريات تحقيق العدالة، وعلى الأستاذ نبيل أديب، أن يُدرك التحديات التي تواجه اللجنة، ومسؤولية مجلس الأمن إذا أخفقت أن يتدخل لتحقيق العدالة.

* ماذا لو فشلت المنظومة القانونية في البلاد ولجان التحقيق في تحقيق العدالة التي يطلبها ذوو الضحايا؟

من الأشياء التي لا يعرفها الكثيرون أن القانون الدولي يختلف عن القانون المحلي ولا يرتبط إحقاق الحق في مثل هذه القضايا بموافقة الضحايا أو تنازلهم طبقاً للقانون الدولي، وعلى قوانين السودان أن تكون متوائمة مع القوانين الدولية لأن الجرائم المرتكبة ذات طابع خاص ويناط بهذه القوانين تحقيق السلم والعدل، وعلى ذوي القضايا المواصلة في المطالبة بتحقيق العدالة وفقاً للمعاير الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *