الآثار والهوية الغائبة.. السودان يخطو نحو معالجة القضايا الكبرى عقب ثورة ديسمبر
الخرطوم: نصر الدين عبد القادر
ظلت قضية الهوية السودانية من القضايا المركزية في الصراع السوداني منذ الاستقلال وحتى الوقت الراهن، ويرتبط حلها بإنهاء النزاعات في السودان لكون أن جميع المجموعات السودانية سترى نفسها في مرآة السودان المكبرة.
وفي سياق التعريف بالآثار السودانية ومدى أهميتها دشنت جامعة النيلين مؤتمر (الآثار السودانية) الأول، ويرى مهتمون أنّ الوضع عقب ثورة ديسمبر يبشر بوضع البلاد أولى خطواتها في المسار الصحيح، حيث تؤدي النتيجة إلى معرفة الهوية السودانية المتضمنة التنوع والتعدد السوداني، مما يخلق حالة من الانسجام والانصهار في بوتقة القبول والاحترام المتبادلَين.
ربط بأعماق التاريخ
ويشير متابعون إلى أن المؤتمر يأتي في ظروف وحاجة ماسة لربط الشعب السوداني بآثاره وتاريخه وحضارته الضاربة في عمق التاريخ الإنساني، وتشتمل أوراق المؤتمر – التي ستأتي في تقرير منفصل-، ملمحاً مهماً من ملامح الهوية السودانية، وما يميزه هو قيامه بوزارة التعليم العالي على مدى يومين (أمس واليوم) بتشريف وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي عالمة الآثار بروفيسورة انتصار صغيرون.
مشكلة قانونية
وما يجدر ذكره في هذا المقام هو ما ظلت تتعرض له الآثار السودانية من سرقات وتخريب لجهل الناس بأهمية ما يمتلكونه من كنوز جعلتها بلاد قريبة منا من أهم مصادر دخلها، وهو كان لا بد من الحديث عن هذه النقطة، ووضع قانون الآثار في الحد من ذلك.
وقال أستاذ الآثار بكلية الآداب جامعة النيلين مختار معالي الدين لـ (مدنية نيوز): إنّ من أهم المشكلات التي تواجه الآثار السودانية تتعلق بالقانون، حيث نجد أن أقصى عقوبة هي السجن (7) سنوات، بينما تكون قيمة الأثر المسروق أكثر من (مليون) دولار.
وقارن معالي الدين، بين قانون الآثار السوداني ونظيره المصري، وأشار إلى أن الثاني تصل فيه العقوبة إلى الإعدام، وأضاف: (هنا يتمثل الفرق بين الردع المصري والتراخي السوداني في قضية الآثار، وهو ما يشير إلى قدر الاهتمام بهذه القضية).
وبالعودة إلى سرقة الآثار السودانية تحضر بذاكرة المتابعين سرقة الطبيب الإيطالي فرليني لكنز يعود للملكة أماني شاخيتو، وهو موجود بمتاحف ألمانيا حالياً.
وكانت جامعة النيلين قد قدمت في السنوات الماضية خدمات عبر ندوتها الدورية حول الحضارة والآثار السودانية، والتي يقدمها عالم الآثار بروفيسور (شارلي بونيه) الذي قضى (54) عاماً من عمره منقباً ومبشراً بالحضارة السودانية، ويرجو الكثير من المهتمين بالآثار والحضارة السودانية أن تتواصل تلك الندوات للتعريف بالحضارة السودانية وقيمة الآثار وتميز الشعب السوداني بتاريخه وإرثه.
تجدر الإشارة إلى أن الدراسات الآثرية تشير بوضوح إلى العلاقات القديمة والتي تمتد لآلاف السنوات، وتنبه إلى أهمية توسيع دائرة التنقيب عن الآثار ليشمل جميع مناطق السودان، وهو ما ورد في بعض الأوراق المقدمة خلال المؤتمر.