الدراسات الأثرية في السودان.. حرية المرأة ودورها البارز في الممالك القديمة
الخرطوم: آيات مبارك
أكد أكاديميون بجامعة النيلين أن أغلب الدراسات الآثارية دائماً ما تحمل إشارات واضحة للأدوار التي كانت تقوم بها المرأة في معظم الممالك السودانية، باعتبار أن المرأة تحظى بمساحة وحرية واسعة.
وجاءت تأكيدات الأكاديميين في مؤتمر الآثار السودانية الأول الذي انطلق بقاعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أمس، بتنظيم من جامعة النيلين كلية الآداب قسم الآثار تحت شعار (نحو رؤية معرفية لترسيخ البحث والمعرفة بالآثار السودانية).
ونبه الأكاديميون من خلال المؤتمر إلى المخاطر المحدقة التي تتعرض لها الآثار السودانية، وقال مدير الجامعة بروفيسور محمد الأمين أحمد محمد: (إننا ندق ناقوس الخطر بالمهددات البيئية في مناطق التعدين العشوائي).
وأضاف أن الجامعة تقيم مؤتمر الآثار السودانية الأول إيماناً منها بأن الماضي والمستقبل لا ينفصلان عن بعضهما، ولفت إلى أن المؤتمر سيؤدي دوراً كبيراً في تسليط الضوء في مجال البحث العلمي للارتقاء به، ورأى فيه فرصة للتوعية بأهمية الآثار والتراث القومي الذي عانى ولا يزال يعاني في حاضر السودان ومستقبله.
ومن جانبها رأت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بروفيسور انتصار الزين صغيرون ، لدى مخاطبتها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن الآثار السودانية تعمل على توحيد الهوية القومية بالبلاد، وأن للآثار السودانية والتراث القومي دوراً فاعلاً في التعريف بالسودان وإنسانه.
ومن جهته ذكر رئيس قسم الآثار الأستاذ بجامعة النيلين إبراهيم محمد أحمد علي، أن هوية السودان الثقافية ظلت في تبلور مستمر، وقد ارتبط ذلك بالتفاعلات الثقافية الناتجة عن الهجرات منذ ما قبل التاريخ، وفي عصور المجموعات النوبية، ومن ثم في مملكة كوش في العصرين النبتي والمروي.
وأكد إبراهيم، أهمية سلطنات دارفور وسنار في احتفاظها بالكثير من مكونات الثقافة السودانية القديمة، وقال: (كما استوعبت المفاهيم الإسلامية والعربية فصارت النواة الأولى للكثير من العناصر المكونة للهوية الثقافية الراهنة، فيما تمثل تقاليد الحكم ورموزه وعاءً يحوي الكثير من الجوانب الحياتية للمجتمعات، المرأة في معظم الممالك السودانية كانت تحظى بمساحة وحرية واسعة، وكان لها دور بارز في الممالك القديمة وفي سلطنة الفور وسنار).
وأضاف رئيس قسم الآثار بجامعة النيلين: (هذا أول مؤتمر آثار يلتئم داخل السودان تكرس فيه الجهود لمناقشة الآثار السودانية المتعددة بغرض كسر الجمود الفكري في الجامعات).
وأشار إبراهيم، إلى أن المؤتمر تناول أهم القضايا في مجال الآثار السودانية بمنظور وطني ذي دلالات حضارية عبر كفاءات وجدارة علمية تنظم الأثر الحضاري في غايته الوطنية، أهمها قضايا البيئة، الهوية، والمحافظة على الآثار.
آثار السودان القديم وحضارته
وتناول المؤتمر في جلسته الأولى (آثار السودان القديم وحضارته) برئاسة بروفيسور عمر حاج الزاكي، والتي تحدث من خلالها الأستاذ بقسم الآثار جامعة الجزيرة عبدالله النور عبدالله، عن الترجمة العربية لنقش الملك تهارقا (كوة٤)، بينما تحدثت الأستاذة بقسم الآثار بجامعة النيلين نهى بابكر، عن عصري الملك شبتكو وتهارقو (ملوك الأسرة الخامسة والعشرين) والتي تعتبر من الفترات المهمة في التاريخ القديم للسودان ومصر.
وعرضت نهى، من خلال حديثها السيرة السياسية وأهم الآثار الثابتة والمنقولة وعن لوح الملك (أسبلتا) بمناسبة إعادة بناء مقبرة الأمير (خاليوت)، ثم قام د. الحسن أحمد محمد الحسن، بإعادة قراءة لـ(لوح الملك أسبلتا) بمناسبة إعادة بناء مقبرة الأمير (خاليوت). وتحدث الأستاذ بجامعة أفريقيا العالمية د. عبد المنعم، وركز حديثه حول فهم أحدث للدولة المروية.
وعن هوية السودان الثقافية قال الأستاذ إبراهيم محمد أحمد، إن هوية السودان الثقافية ظلت في تبلور مستمر وقد أرتبط ذلك بالتفاعلات الثقافية الناتجة من الهجرات المتتابعة منذ فترات ما قبل التاريخ، متناولاً عناصر الهوية الثقافية والتي تمزج ما بين المحلية الخالصة وأخرى ناتجة عن التفاعلات المتبادلة بين المحلية والثقافات الوافدة، واعتبر أنها هي التي أثرت على استمرار تشكل الهوية الثقافية في سياق عملية التأثير والتأثر الحضاري.
علم الآثار والعلوم المساعدة
وترأس الجلسة الثانية من اليوم الأول بروفيسور يحيى فضل طاهر ود. حماد محمد حامدين، وكانت الجلسة الثانية بعنوان (علم الآثار والعلوم المساعدة ) تناولت د . رحاب شمبول، من خلالها أثر البيئة على المواقع الأثرية، فيما تحدثت الأستاذة فاطمة عوض الله عبد الله، عن دراسة الهياكل البشرية من منطقة (السبلوقة) في دراسة حالة لموقعي جبل (أم مراحيك) و(الكنيسات) وشرحت أستاذة صفاء جمال، تقاليد دفن الحيوانات في مقابر السودان القديم.
تكريم عالم
وشهد المؤتمر تكريماً لأسرة المرحوم بروفيسور عبد القادر محمد، عالم الآثار ومؤسس قسم الآثار بجامعة النيلين، وأستاذ الدراسات المصرية والسودانية القديمة وهو أول سوداني يترأس قسم الآثار بجامعة الخرطوم، وهو أبرز علماء اللغات القديمة (الهيروغليفية المصرية والكوشية المروية)، ولد بمنطقة الكاملين وتخرج في جامعة الخرطوم قسم التاريخ (التاريخ القديم).