لا للعنصرية نعم للسلام والتسامح والتعايش (2)
بقلم: حسين سعد
في الحلقة الثانية من سلسلة مقالات لا للعنصرية نعم للسلام والتسامح والتعايش؛ نتابع بعض الحالات السالبة لدور الاعلام الداعي والمحرض لخطاب الكراهية والعنف، ونقراء أيضا الاسباب والمحفزات للعنصرية وخطاب الكراهية التي ذكرها الكاتب إيان لوو في كتابه (العنصرية والتعصب العرقي من التمييز الي الابادة الجماعية) كما نتعرف علي استراتيجية الامم المتحدة في محاربة العنصرية،والنموزج الذي نشير إليه للدور السالب للاعلام ماحصل في يوغسلافيا ورواندا، وفي الحالتين كان للإعلام دورا أساسيا في التحريض على العنف ونشر خطاب الكراهية وتبرير القتل ووصف مرتكبي المجازر بالأبطال القوميين أو الدينيين، وفي حالات أخرى كان للإعلام دوره المحرض على رفض نتائج الانتخابات في مناطق عانت من نزاعات أهلية طويلة كما حدث في كينيا في عامي 2007 و 2008، وفي ساحل العاج عامي 2010 و2011، وفي ليبيا بعد انتخابات مجلس النواب سنة 2014. ففي هذه الدول الثلاثة كان للإعلام دورا تحريضيا في رفض نتائج الانتخاباتن ودعم الأطراف الرافضة للنتائج، ما أدى إلى الدخول في اقتتال أهلي واسع كان لقوى إقليمية ودولية دورا في إذكائه واستمراره، لذلك لابد من تطوير نموذج إعلامي يتماشى مع مسؤولية الصحافة والإعلام في إرساء السلام، ومنع حدوث الصراعات، بما لا يتعارض مع مبادىء نقل الحقائق وتمحيصها والولاء التام للناس العاديين، أي تقديم الحقائق لهم في سياقها الموضوعي بهدف تحديد حجم تلك الحقائق دون تهويل أو تهوين، ثم إدارة الحوارات بشأنها من خلال التحليل الموضوعي واقتراح التوقعات لأجل تطوير القرارات الإيجابية المتعلقة بها، ومراقبة أصحاب النفوذ بنزاهة واستقلالية، وهذا يتطلب دعم وبناء الهويات المشتركة بين الأطراف المتصارعة والمجموعات الاجتماعية المتنافرة،والمختلفة بهدف التأسيس للهويات المشتركة والاعتراف بالاخر وأحترام التنوع والتعدد،وكذلك فتح مساهمات للمجموعات المهمشة في المجتمع لتدلي بأصواتها. ويمكن للإعلام أن يلعب دور الوسيط بين الأحزاب السياسية للنقاش بشأن كل القضايا العامة كما حدث في جنوب إفريقيا،وتقديم التحذيرات الاستباقية لأي نزاع أو اشتباكات محتملة كما حصل في كينيا سنة 2013 وكما حصل في نيجيزيا عندما تبنت إذاعة محلية في الفترة ما بين 2012 – 2016 من خلال بث أسبوعي لبرنامجين حواريين وآخرين تمثليين جمعوا في الحواريين أطراف النزاع في نيجيريا بعد مقابلات منفردة لكل طرف ثم عرضها على الأخر ثم إدارة الحوار الجماعي بينهم وإشراك الناس العاديين في الحوارات وتوجيه الأسئلة. وسجلت الإحصاءات متابعة أكثر من 65 مليون نيجيري لتلك البرامج، وتوفير حق الحصول علي المعلومات ،والمساعدة في تحسين أداء المسؤولين في الوظائف العامة، وذلك من خلال عرض الحقائق والمعلومات بدقة متناهية واستقلالية عن أي تأثير سياسي أو مالي أو أيدولوجي أو جهوي أو عرقي، وبالتزام أعلى مستويات الشفافية والنزاهة من أجل الوصول إلى محاسبة مسؤولة يشارك فيها الناس العاديون وجميع فئات المجتمع دون أي تهميش أو إقصاء. وقد ساهمت الصحافة الاستقصائية في أميركا الجنوبية من خلال متابعة الفساد في المؤسسات العامة في الإطاحة بأربعة رؤساء في البرازيل سنة 1992 وفنزيولا سنة 1993 والإكوادور سنة 1997 والبيرو سنة 2000
الاسباب والمحفزات..
نتابع الاسباب والمحفزات للعنصرية وخطاب الكراهية التي ذكرها الكاتب إيان لوو في كتابه(العنصرية والتعصب العرقي من التمييز الي الابادة الجماعية) كما نتعرف علي استراتيجية الامم المتحدة في محاربة العنصرية لكن قبل ذلك دعونا نقراء ما قاله الكاتب (إيان لوو) ان الصراعات العرقية و موجات الكراهية والعنصرية تنشاء بسبب التنازع و السيطرة على الارض والمواد الاقتصادية، و كذلك النزاع حول فرص التعليم و التوظيف الحكومي و الصراع حول امتلاك راس المال، و قد ينشأ الصراع بحثآ عن عدالة في تحديد الموارد و تخصيصها و يمكن للتدهور الاقتصادي ان يصعد من العداء بين الثقافات المختلفة عندما يرتبط بالبطالة و تقليص الثروات، و يمكن ان تلعب سياسات الهجرة دورآ كبيرا فدي هذا الصراع ايضا و يلعب عدم العدالة الاقتصادية دورا كبيرا في تحفيز الصراع الإثني و ينتج عن عدم العدالة تلك إحياء المزاعم القديمة و خلق مزاعم جديدة عن التعويضات و إعادة توزيع الثروات أما الاسباب الثقافية للصراع فعاليا ما تتمحور حول اللغة و العقيدة و تتعايش مجموعات عديدة مختلفة ثقافيا و إثنيا بشكل سلمي فيما بينها و لكن عند نقطة بعينها يتفجر الصراع إما بسبب الإهانة المكشوفة لكرامة الجماعة الإثنية أو الثقافية و شرفها و إما بسبب التهديدات الملموسة للمصالح الحيوية لمجموعة إثنية او ثقافية ففي القارة الأوربية يرى الكثيرون من الطبقة العاملة ان المهاجرين غير البيض او غير الاوروبيين بشكل عام يشكلون تهديدا لمنازلهم و احيائهم السكنية و وظائفهم و مدارسهم و أمنهم الشخصي و العائلي و يؤدي ذلك إلى هجوم و عنف من قبل المواطنين ضد المهاجرين و تتزايد المطالب بضروة الطرد و الاستعباد و تنشأ الممارسات العنصرية و موجات الكراهية بسبب أشكال مختلفة من الهيمنة سواء كانت إقصائية او امتصاصية (استيعابية)
إستراتيجية الامم المتحدة..
وفي العام 2019م أطلقت الامم المتحدة خطة عمل بشأن خطاب الكراهية بهدف تعزيز الجهود الرامية الي معالجة الاسباب الجذرية لخطاب الكراهية ودوافعه وتوفير الاستجابات الفاعله له،وقال الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش ان خطاب الكراهية والعنصرية ضد الاجانب والنساء يجرد الافراد والمجتمعات من الانسانية،ويؤثر كثيرا في جهودنا الرامية الي تعزيز السلام والامن وحقوق الانسان والتنمية المستدامة،وأوضح الأمين العام أن الكلمات يمكن أن تكون سلاحا وتسبب أذى جسديا،وقال إن التصعيد من خطاب الكراهية إلى العنف لعب دورا مهما في أكثر الجرائم المروعة والمأساوية في العصر الحديث، بدءا من معاداة السامية التي أدت إلى محرقة اليهود، وصولا إلى الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا ،وردا على هذا التهديد المتزايد، أطلق السيد أنطونيوغوتيريش قبل ثلاث سنوات استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية – وهي إطار جديد لدعم الدول الأعضاء في مكافحة هذه الآفة، في ظل احترام حرية التعبير والرأي. وقد تم ذلك بالتعاون مع المجتمع المدني ووسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، وفي العام الماضي، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدعو إلى الحوار بين الثقافات والأديان لمواجهة خطاب الكراهية – وأعلنت يوم 19 من يونيو يوما دوليا لمكافحة خطاب الكراهية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة ان (خطاب الكراهية خطر محدق بالجميع ومكافحته مهمة منوطة بنا جميعا) وختم قائلا: “هذا اليوم الدولي الأول لمكافحة خطاب الكراهية هو دعوة من أجل العمل. فلنجدد التعبير عن التزامنا بأن نبذل كل ما في وسعنا لمنع خطاب الكراهية والقضاء عليه من خلال تعزيز احترام التنوع والشمول. (يتبع)