د.سلام توتو لـ(مدنية نيوز): الحكومة المصرية تحاول فرض الوصايا على الشأن السوداني
عضو الحراك الثوري بالمملكة المتحدة وايرلندا د.سلام حسن توتو لـ(مدنية نيوز):
* لأول مرة نرى قوى سياسية طرف أساسي في الحكومة تذهب الى دولة أخرى لمناقشة قضاياها فيما بينها
* هذا تكرار لذات خطأ الاتفاقية الاطارية بل بصورة أسواء منها
* ليس هناك تفسير آخر لتلك العملية الا انها محاولة من الحكومة المصرية لفرض الوصايا على الشأن السوداني
حوار: فدوى خزرجي
تتجه الأنظار في السودان، نحو توقيع اتفاقية اطارية نهائية بين القوى السياسية متمثلة في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، والمكون العسكري، تمهيدا للمضي قدما نحو تسوية سياسية قد تؤدي الى انهاء الانقلاب، وتأسيس فترة انتقالية جديدة يديرها المكون المدني حسب الزعم الموجود، وحول تلك الاتفاقية، ومآلات التسوية السياسية الراهنة في السودان أجرت صحيفة (مدنية نيوز) حواراً مع عضو الحراك الثوري بالمملكة المتحدة وأيرلندا د.سلام حسن توتو، وخرجت بالإفادات التالية:
* بالعودة لعملية التسوية السياسية الجارية حاليا، هل نجد ان هذه العملية أتت بضغوطات دولية؟
بكل تأكيد، تلك التسوية أتت بضغوطات دولية خاصة من قبل أمريكا وبريطانيا، ولذلك فهي بإرادة دولية وليست إرادة محلية وطنية لذلك نجد انها اهملت الكثير من القضايا الهامة المصيرية التي تهم المواطن السوداني والثورة مثل العدالة، السلام الوضع الأمني، وبحسب ما رشح من أخبار فقد تم تأجيل تلك القضايا الى المصير المجهول مثلها مثل موضوع المؤتمر الدستوري الذي تم طرحه منذ اكثر من نصف قرن وحتى الان، ولذلك اهمال مثل تلك القضايا وترحيلها للمجهول هو عنوان عريض لفشل تلك التسوية الا اذا حدثت معجزة أخرى ساعدت في نجاحها، بالإضافة الى ذلك نجد ان حزب المؤتمر الوطني عمل طيلة الثلاثين سنة الماضية في تمكين أفراده في مفاصل الدولة، ولذلك اهمال عملية إزالة هذا التمكين لدولة الحزب الواحد يدل على ان الحكومة التي سوف يتم تشكيلها نتيجة لتلك التسوية، سوف تكون حكومة تحت سيطرة دولة التمكين، وتتقيد باوامرها، ولهذا فهي حكومة مشلولة لا تستطيع انجاز اي ملفات تخص عملية التغيير، كما شاهدنا ذلك في حكومة حمدوك الأولى رغم وجود كفاءات متميزة.
* ماهي ملاحظاتك حول هذه التسوية؟
أولا: النقطة المهمة عدم إيجاد حل جذرى لخروج قوات الدعم السريع من المشهد السياسي السوداني بشكل نهائي، وإعادة هيكلتها بما يناسب وطبيعة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وهذه تعتبر قنبلة موقوتة ومؤشر خطير جدا لتكرار عملية الانقلابات العسكرية على أنظمة الحكم الديمقراطية في السودان، كما نجد أيضا ترك قوات الدعم السريع كقوة موازية للجيش السوداني وعدم حلها وتفكيكها وإعادة دمجها في الجيش الوطني المؤسس بعقلية جديدة، فهي مهدد امني لاستقرار المواطنين في كل أنحاء السودان، وقد شاهدنا عمليات القتل والانتهاكات التي تقوم بها هذه القوات في حق المواطنين بمناطق مختلفة من السودان، اما فيما يتعلق بموضوع الحصانة فهي تكرس عملية الإفلات من العقاب، مما يشجع من عملية تكرار تلك الجرائم في المستقبل، وهذا ينافي مبدأ العدالة الانتقالية التي هي احدى الركائز الأساسية لاي ثورة شعبية تسقط حكومات دكتاتورية وتؤسس لواقع جديد. كما ان الحصانة المذكورة تكرس لعملية بقاء الذين ارتكبوا جرائم لأطول فترة ممكنة في المواقع التنفيذية الدستورية حتى لا تتم ملاحقتهم قضائيا.
* هناك من يرى ان التفاوض والتسويات السياسية هي إحدى آليات التغيير، ما هو رأيك في ذلك؟
حسب وجهة نظري فإن التفاوض والتسويات السياسية هي احدى اليات للتغيير، ولذلك فانا لست ضدها بشكلٍ مطلق، بل ضد اي تسوية لا تؤدي الى تغيير حقيقي وتؤسس لواقع جديد يؤدي الى سلام وأمن، واستقرار يقود في النهاية الى رفاهية الشعب السوداني، كما ارفض اي تسوية يكون فيها المكون العسكرى جزء اساسي، لجهة انها ليست وظيفته، بل تعتبر المؤسسة العسكرية هي جزء من مؤسسات الدولة مثلها مثل المؤسسات التعليمية والصحية وغيرها، ومهمتها محددة ومحصورة في الامن الدفاع حسب توجهات الحكومة المدنية، وليست جسم سياسي لكي يتم التشاور معها حول الاتفاقيات السياسية ونظام الحكم، ولذلك يجب ان يكون التفاوض والتسوية حول تسليم السلطة كاملة للمدنيين دون إبداء رأي او شروط او قيود، فقط يمكن ان تتم الاستعانة بهم عندما يتعلق الأمر بهيكلة المؤسسة العسكرية لتأسيس جيش قومي واحد بعقلية جديدة.
* وكيف تنظر الى مآلات هذه التسوية السياسية الراهنة في السودان؟
نجد ان غالبية الاتفاقيات كان يتم التعامل معها بمبدأ الربح والخسارة والمكاسب الذاتية الانية الحزبية والتنظيمية، بعيدا عن المكاسب الوطنية لتأسيس الدولة، كما نجد ان العقلية السياسية السودانية ادمنت عملية كتابة النصوص الجيدة ومن ثم تركها في ادراج المؤسسات والوزارات، وعدم التقيد بها او العمل على تطبيقها، وإن لم تأتي اي اتفاقية بإرادة سودانية وطنية حقيقية وإنما جاءت عن طريق الضغوطات الدولية، فمن المرجح انها لم تصمد كثير ولم تصمد، بل سوف يكون مصيرها الفشل وذلك لعدم اقتناع المواطن الثائر المناضل بها، وبالتالي حمايتها، ومثال لذلك ما حدث في اليمن وجنوب السودان، حيث تم توقيع اتفاقيات بضغوطات دولية.
* كيف تنظر لورشة القاهرة التي ذهبت إليها بعض القوى السياسية وقاطعتها قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي؟
حسب وجهة نظري فهي تكرار لنفس خطا الاتفاقية الاطارية، بل بصورة أسوأ منها، من المؤسف: لاول مرة نرى قوى سياسية طرف اساسي من حكومة موجودة سواء كانت شرعية او غير شرعية تذهب الى دولة اخرى لمناقشة قضاياها فيما بينها، حيث انه في العرف غالبا تكون مثل تلك الورش الخارجية بين قوى معارضة لا تستطيع الدخول الى السودان، وبين اخرى موجودة في الداخل، ولكن ليس هناك تفسير اخر لتلك العملية الا انها محاولة من الحكومة المصرية لفرض الوصايا على الشأن السوداني، وتطويع بعض القضايا فيما يتماشى مع مصالحها، وهذا بالطبع انتهاك لسيادة السودان، وهو مرفوض جملة وتفصيلا.