الأربعاء, يونيو 18, 2025
مقالات

في ذكرى أبريل المجيد 1985 إلى أبريل 2019 – مسارات التغيير والتحديات

بقلم: سنية أشقر (ماريل)

شهد السودان ثلاث ثورات كبرى في تاريخه الحديث، وكان لكل منها أثر كبير على مسار البلاد السياسي والاجتماعي، لكن رغم النجاحات الأولية لهذه الثورات، فإن القوى السياسية والمدنية لم تتمكن من تحقيق الاستقرار والديمقراطية المنشودة، وذلك بسبب تحالفاتها مع العسكر أو ضعفها في مواجهة التحديات السياسية.

*أبريل 1985*
أطاحت بنظام جعفر نميري بعد حكم استمر 16 عامًا. لعبت النقابات المهنية والأحزاب السياسية والتنظيمات النسائية دورًا أساسيًا في هذه الثورة، لكنها سرعان ما دخلت في تحالفات مع الجيش، مما أدى إلى تولي المشير سوار الذهب السلطة لفترة انتقالية قصيرة انتهت بانتخابات أتت بحكومة مدنية لم تستطع الصمود أمام انقلاب عسكري جديد.

*ديسمبر 2018 – أبريل 2019* قادتها لجان المقاومة، تجمع المهنين، القوي المدنية والسياسية، والشعب السوداني، حيث أطاحت بنظام عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة 30 عامًا. رغم أن الثورة فرضت تغييرات كبيرة، إلا أن القوى السياسية التقليدية لم تتمكن من تأمين انتقال ديمقراطي مستدام، مما أتاح للعسكر فرصة للانقلاب على الحكومة الانتقالية لاحقًا.

لقد لعبت القوى السياسية والمدنية دورًا مزدوجًا في مسيرة الثورات السودانية، حيث كانت في البداية داعمة للحراك الجماهيري، لكنها سرعان ما دخلت في مساومات سياسية مع العسكر، لأنها لم تتفق علي رؤية وطنية موحدة، وسرعان ما يسقط النظام العسكري تظهر التنافسات بين الأحزاب السياسية في تقسيم السلطة وبالتالي تحدث انقسامات تضعف من الزخم الثوري وتضعف قدرتها علي السلطة هذا الضعف يجعلها تذهب الي أسهل الطرق للحكم وهو
التسويات مع العسكر، وهذة المواقف مكنت العسكر بوجودة ومشاركته في المشهد السياسي والسلطة وجعلت هذة الطريقة دربآ إلى وأد تطلعات الشعب السوداني في بناء دولة مدنية، وهذا ما افقد بعض الأحزاب المطالب الشعبية، مما أدى إلى فقدانها ثقة الجماهير.

بشكل عام يواجه المشهد السياسي السوداني تحديات كبيرة تتعلق بوحدة وتوجهات القوى المدنية والسياسية. في فبراير 2025، شهدت الساحة السياسية انقسامات ملحوظة، أبرزها إعلان تنسيقية القوى المدنية “تقدم” عن حل نفسها نتيجة خلافات حول تشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع . هذا الانقسام أدى إلى تشكيل تحالفات جديدة وانقسامات جديدة ادي الي تشظي وضعف القوي المدنية والسياسية اكثر مما كانت عليه وعلا صوت العسكر كثيرآ.

مع هذه التطورات، تبرز تساؤلات حول قدرة القوى المدنية على استلهام دروس الماضي وتقديم برامج وطنية جديدة تتجاوز أخطاء التجارب السابقة جميعا وتتحدث حديث الشفافية مع بعضها لتنقذ ما تبقي من وطن فهى قادرة علي ذلك بوحدتها وتماسكها وترك الماضي خلفها، لأن الانقسامات الحالية تشير إلى تحديات كبيرة جدا لا تحقيق توافق وطني شامل، مما قد يؤثر على فعالية هذه القوى في دفع عملية التحول الديمقراطي ووقف الحرب في السودان.

لتحقيق تقدم حقيقي، يتعين على القوى المدنية السودانية العمل على تجاوز الخلافات الداخلية، وتوحيد الصفوف حول رؤية وطنية مشتركة تستند إلى مبادئ الديمقراطية والعدالة. هذا يتطلب مراجعة شاملة للبرامج والسياسات السابقة، وتطوير استراتيجيات جديدة تستجيب لتطلعات الشعب السوداني في بناء دولة مدنية ديمقراطية ومستقرة.

*التآمر على مكونات الثورة وهزيمتها*

تعرضت ثورة ديسمبر 2019 لمخططات معقدة ساهمت في إضعافها وإفشالها، علي سبيل المثال لا الحصر لهذة المخططات:

تحالفات القوى السياسية مع العسكريين، رغم البداية الواعدة للحكومة الانتقالية، إلا أن بعض القوى السياسية دخلت في اتفاقيات مع العسكر، مما أضعف موقف الثورة وأتاح للعسكريين فرصة للانقلاب على الحكم المدني.

تفكيك لجان المقاومة والاجسام المهنية التي قادت الثورة، عمدت بعض القوى السياسية والعسكرية إلى إضعاف لجان المقاومة، التي كانت القوة الحقيقية للثورة، عبر التضييق عليها وتشتيت جهودها.

استغلال الأزمات الاقتصادية، استخدم العسكر والنخب السياسية الأزمات الاقتصادية المتلاحقة كورقة ضغط لإضعاف الحكومة الانتقالية وإفشالها.

التدخلات الإقليمية كان لها اثر كبير في واد الثورة السودانية، لعبت بعض الدول دورًا في دعم المكون العسكري للحفاظ على مصالحها الإقليمية، مما ساعد في إضعاف الحكومة المدنية، وسيطرة العسكر علي المشهد.

*كيف تتجاوز القوي المدنية والسياسية كل هذة التحديات؟*

لتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي، عليها بناء تحالفات مدنية وسياسية شفافة يجب أن تتوحد القوى المدنية تحت مظلة وطنية واحدة وهي قادرة علي ذلك اذا أرادت أن تضع مصلحة الوطن فوق الحسابات السياسية والذاتية الضيقة.

تحديد موقف واضح من التسويات مع العسكر وعليهم ان ينتبهوا من أخطاء الماضي ويرفضوا أي صفقات تعيد العسكر إلى المشهد السياسي.

تطوير رؤية سياسية واقتصادية واضحة ينبغي فيها تقديم بدائل عملية تعزز الديمقراطية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

تحقيق سلام مستدام يتطلب ذلك إشراك جميع مكونات المجتمع السوداني في عملية السلام بدلاً من قصرها على النخب السياسية والعسكرية.
لكي يكون السودان دولة ديمقراطية ومستقرة، يجب
ترسيخ مبادئ العدالة والمحاسبة، منع الإفلات من العقاب لكل من تورط في جرائم ضد الشعب.

تعزيز الاقتصاد الوطني: عبر سياسات تنموية تركز على الإنتاج المحلي وتقليل التبعية للخارج. احترام التنوع الثقافي والعرقي: من خلال سياسات تضمن التمثيل العادل لكل مكونات المجتمع السوداني.

*ختامًا*
الأمل لا يزال موجودًا في تحقيق سودان مدني ديمقراطي. يسع الجميع، لكن ذلك يتطلب عملاً جادًا ووعيًا سياسيًا مسؤولآ يمنع تكرار أخطاء الماضي والسودانيين والسودانيات قادرين علي ذلك اذا اتفقوا ووحدوا جهودهم لعملية السلام ونبذ خطاب الكراهية الذي اوصل بلادنا الي ما نحن فيه من شتات فعلي القوي المدنية والسياسية مراجعة نفسها ومواقفها وليجعلوا نفاجآ بينهم ليمرقوا به الوطن من الانهيار والدمار والقتل التشريد الذي أصابه ومواطنية .

ماريل
6/ابريل/٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *