الخميس, أبريل 24, 2025
مقالات

التدخلات الإقليمية في السودان وغياب الرد المدني وضرورة استعادة الثورة

بقلم: سنية أشقر (ماريل)

يشهد السودان أزمة وطنية مركبة تتداخل فيها العوامل الداخلية بالصراعات الإقليمية والدولية، مما يجعل من الضروري إعادة قراءة المواقف والسياسات المتبعة، خاصة من قبل القوى المدنية والسياسية، تجاه هذه التدخلات. فقد تحولت الساحة السودانية إلى ميدان تنافس بين عدة أطراف إقليمية ودولية، تسعى كل منها لخدمة مصالحها على حساب مشروع التحول الديمقراطي. كل ذلك، مع غياب، رد الفعل السياسي المنظم والفاعل من القوى المدنية السودانية إزاء هذه التدخلات، اظن انه حان الوقت للتقييم والنقد من أجل التصحيح والمضي قدما بارادة وطنية في طريف وقف الحرب.

*طبيعة التدخلات الإقليمية*

▪️ إثيوبيا: سعت إلى تعزيز نفوذها عبر أدوار الوساطة، خاصة في اتفاق 2019، ثم اتخذت موقفًا غامضًا من الأزمة الحالية.
تحركت لتأمين مصالحها الاستراتيجية، لا سيما المتعلقة بملف سد النهضة وحدود الفشقة، بما في ذلك محاولة تحييد مصر من الملف السوداني.
بحسب تحليلات، منها ما ذكرته الباحثة أماني الطويل، فإن إثيوبيا تعرقل أحيانًا التسويات لصالح ترتيبات جيوسياسية تخدمها. وبعض الفاعلين السياسيين يرون أنها لا تزال طرفًا مفيدًا في الحل السياسي.
▪️ مصر: تركز على منع تمدد نفوذ إثيوبيا في السودان، واحتواء أي مهددات على حدودها الجنوبية. تحتفظ بعلاقات تقليدية مع المؤسسة العسكرية وتلعب دورًا غير مباشر في مخرجات المشهد السياسي.

▪️الإمارات والسعودية:

تدخلتا عبر مبادرة جدة، لكن دورهما تجاوز الوساطة إلى دعم بعض الأطراف المتحاربة، خاصة الامارات مما يضع علامات استفهام حول دوافع هذا التدخل.
▪️ دول أخرى (إسرائيل، قطر، تركيا): لكل منها مصالح أمنية أو اقتصادية أو استراتيجية في السودان، وتتحرك ضمن صفقات غير معلنة في كثير من الأحيان.

*مواقف القوى المدنية والسياسية*

رغم حجم وخطورة هذه التدخلات، فإن القوى المدنية ظلت منقسمة على ذاتها، وعاجزة عن تشكيل جبهة موحدة قادرة على التحدث باسم الشارع السوداني وتفتقر إلى خطاب وطني شفاف يعارض الوصاية الدولية والإقليمية. وما عطل عمل القوي المدنية في المشهد انها رهنت نفسها لمبادرات خارجية بدل بناء رؤية وطنية مستقلة حتي لو كان في طريق التسوية.
كانت اغلب اعتماد أو حسابات القوي المدنية تعتمد على الوسطاء الإقليميين ولم تضع خارطة طريق واضحة
للمخاطر الإقليمية.

بشكل عام، انقسام القوى المدنية وافتغارها إلى جبهة موحدة في التعاطي مع التدخلات الإقليمية والدولية، وهناك أسباب لذلك .منها علي سبيل المثال الانقسام الداخلي معظم القوى المدنية، خاصة منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، تعاني من تشرذم بين تيارات “التسوية” و”اللاءات الثلاث” و”المجلس المركزي” و”نداء أهل السودان” .. إلخ. اعتمدت بعض القوي المدنية على التوازنات الداخلية كثير من القوى المدنية منشغلة بصراعات النفوذ داخل السودان، وتتنافس على الشرعية والمواقع، بدلًا من توجيه جهودها نحو تنفيذ مشروع الثورة السودانية أو التدخلات الخارجية.
واعتمادها على الوسطاء الإقليميين بعض هذه القوى تراهن على وساطة دول مثل إثيوبيا أو الاتحاد الإفريقي أو “إيقاد”، مما يجعلها أقل حدة في انتقاد تدخل هذه الأطراف.

ضعف أدوات التأثير الخارجي القوى المدنية لا تملك علاقات قوية أو قدرة ضغط على المستوى الإقليمي والدولي، ما يجعل خطابها دفاعيًا أو مترددًا.

لكن رغم كل ذلك هناك بعض الأصوات في القوى المدنية، بدأت تتحدث بوضوح عن التواطؤ الإقليمي ضد الثورة السودانية، وضرورة الانعتاق من الوصاية الدولية والإقليمية. لكن هذه الأصوات ما تزال محصورة في بيانات متناثرة أو مبادرات لا تحظى بتغطية أو دعم شعبي واعلامي واسع.

*مايجب علي القوي المدنية فعلة في هذا الظرف المفصلي للدولة السودانية الذي يجعل تقسيم البلاد واردآ .*
▪️ بناء جبهة سياسية موحدة تتبنى خطابًا سياديًا صريحًا ضد كافة أشكال التدخل الخارجي، دون استثناء.
▪️ إطلاق مبادرة وطنية مستقلة للحوار من أجل وقف الحرب، تنبثق من داخل السودان، بدعم شعبي محلي.
▪️ مخاطبة المجتمع الدولي بوضوح حول خطر تحويل السودان إلى ساحة صراع بالوكالة.

اخيرآ
إن استمرار القوى المدنية في موقع المتفرج أو المفعول به لن يؤدي إلا إلى مزيد من تمكين الأطراف الإقليمية، ودفن المشروع الثوري الذي انطلق في ديسمبر 2018. العمل علي استعادة مسار الثورة ليست شعارًا، بل موقفًا سياسيًا يجب أن يُترجم إلى برامج، ومواقف وتحالفات قوية وشفافة وواضحة تُعيد للثورة السودانية زخمها ومشروعها التحرري.

أبريل ٢٠٢٥ م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *