الجمعة, مايو 23, 2025
تقاريرسياسة

السودان أرض البطولات والثورات (5)

كتب: حسين سعد

يوم 30 مارس 2020م دفع عدد من الحادبين علي مصلحة البلاد بمذكرة للمجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير خاصة بالراهن السياسي ،والأداء العام لمنظومة قوى إعلان الحرية والتغيير،وركزت المذكرة علي قضايا تحديات الفترة الإنتقالية والبناء التشريعي والمنظومة الأمنية والسلام والوحدة الوطنية والعلاقات الخارجية والتعاون الدولي المؤتمر القومي الدستوري، الاقتصاد ومعاش الناس، ووحدة قوى الثورة وإصلاح وتطوير منظومة إعلان الحرية والتغيير،وحذرت المذكرة من خطورة التدخلات الدولية والإقليمية باستخدام سلاح المال والاقتصاد على مستقبل الديمقراطية في البلاد ووجود اللوبي الاقتصادي المتحالف مع بقايا السلطة السابقة بحيث لا يسمح بالتفكيك الكامل للدولة العميقة لأنه يضر بمصالحها، سلبيات الإتفاق السياسي الذي نتجت عنه الوثيقة الدستورية المليئة بالثغرات والقنابل الموقوتة، نتيجة لتساهل الحرية والتغيير أنتج المنظومة الأمنية المسيطرة حاليا وكيانها الاقتصادي خارج السيطرة.

مخاطر حقيقية:

وقالت المذكرة هنالك مخاطر حقيقية تهدد النظام الديمقراطي في البلاد تتطلب منا جميعا اليقظة وتطوير الياتنا التنظيمية في قيادة الحرية والتغيير وجميع كتلها المشكلة لها إضافة لحشد كل قوى الثورة والتي أهمها لجان المقاومة وحركات الكفاح المسلح ، وأوضحت ان تمدد الأزمة الاقتصادية أدى إلى انحسار التأييد الجماهيري لحكومة الثورة ،وحاضنتها السياسية الحرية والتغيير ،ورددت (هذا مؤشر خطيريجب تداركه) وقالت ان عدم قيام المجلس التشريعي إلى الآن يشكل مؤشرا خطيرا، كون أن المجلس هو الجهة المنوط بها أن تقوم بتقييم وإقالة الحكومة و أفرادها وإجازات الإتفاقيات الدولية وإتفاقيات السلام ويحاسب ويوقف تجاوزات مجلسي السيادة والوزراء ، خاصة المكون العسكري، الى آخرمهامه المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.

أخطاء التكييف الدستوري

ووصفت المذكرة مفاوضات السلام في جوبا بأنها تكتنفها أخطاء التكييف الدستوري لها وتغول مجلس السيادة على السلطات التنفيذية لمجلس الوزراء وتغييب مفوضية السلام المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وغياب المجلس التشريعي ونقاش مواضيع مختلف عليها حتى داخل الحرية والتغيير مثل الهوية و العلمانية وعلاقة الدين بالدولة وهي مواضيع أتفق من قبل قيام الثورة على نقاشها في المؤتمر القومي الدستوري،قوى إعلان الحرية والتغيير مواجهة بمطالب الشارع والذي كان يتوقع سرعة إيقاف التدهور الاقتصادي وإصلاح معاش الناس وإرجاع المفصولين من الخدمة المدنية والعسكرية وإزالة دولة التمكين والمحاسبة وتطبيق العدالة على جرائم النظام منذ يونيو 1989 وحتى مجزرتي القيادة العامة، فضلا عن إخفاق قوى إعلان الحرية والتغيير في إحتضان جميع القوى الحية التي ساهمت في إنجاح ثورة ديسمبر، خاصة لجان المقاومة والمرأة وتيار الإنتفاضة وتجمع القضايا المطلبية.

الواجبات والمسئوليات المتوقعة

عليه، فإن مجمل الواجبات والمسئوليات الملحة التي كانت ملقاة على عاتق حكومة الثورة و مؤسسات السلطلة الإنتقالية وقوى الحرية والتغيير كحاضنة سياسية ، كانت تتلخص في إدارة الثورة بشكل موحد لقواها حتى بلوغ مرحلة الحكم الراشد،ومواجهة مخاطر الدولة العميقة والقضاء على بقايا النظام الساقط،ومواجهة الحملة الدولية التي تديرها بعض الجهات الدولية الساعية لإفشال التجربة الديمقراطية في بلادنا وإحلال البديل الذي يخدم مصالحها، والقضاء علي الاثار السالبة التي خلفها النظام البائد،والبدء مبكرا في التحضير لعقد المؤتمر القومي الدستوري وعدم النتظار حتى اللحظات الأخيرة.

الأداء التنظيمي للحرية والتغيير

قالت المذكرة ان أجندة المجلس المركزي مزدحمة،وهذا نتاج مركزيته القابضة ، والتي نرى أن حلها يكون في إعطاء الأجهزة الأخرى الفرعية قدر من سلطة اصدار القرار بشكل لا مركزي وحرية تكوين التنظيمات الجماهيرية المختلفة،وإقترحت المذكرة تقسيم أعضاء المجلس المركزي اي قطاعات مثل (ادارة الثورة-وادارة الفترة الانتقالية-الدستور والقانون) ودعت المذكرة الي تفعيل المجلس الاستشاري باجتماعات دورية وإعتباره بمثابة جمعية عمومية أو مؤتمر عام وإعطائه صلاحيات واضحة وأن تكون توصياته وقراراته ملزمة، ويجب تعيين مقرر خاص له،وطالبت بإعادة النظر في الهيكلة الحالية ومراجعة تمثيل الكيانات، وفتح اللائحة (النظام العام) للمراجعة والتعديل حتى تواكب كل المستجدات والوضع الراهن،وشددت المذكرة هنالك مواضيع هي الأخطر وتتطلب سرعة البت حولها ضمانا لسلامة الثورة وحددتها في تكوين المجلس التشريعي مع الإحتفاظ بعدد من المقاعد لحركات الكفاح المسلح متى ما تم التوقيع النهائي على اتفاق سلام شامل..

إنشطارات أميبية:

وكان الأستاذ الجامعي الدكتور جمعة كندة قد لخص في ورقة قدمها في ورشة عقدها مركز الآيام للدراسات الثقافية والتنمية ،جذور الصراعات داخل القوي السياسية ومثل لها
(أ) إستمرار الدورة الخبيثة لأزمة الحكم، وعدم الأستقرار السياسى، وغياب ثقافة التداول السلمى للسلطة في السودان.
(ب) إحتكار شخصيات سياسية محددة داخل كل حزب لفرص الإستوزار، وتتحرك مثل هذه الشخصيات المحظوظة، من وزارة إلى أخرى.
(ج) ظهور إنشطارات أميبية داخل الاحزاب، تلك الأنقسامات ليس لخلافات جوهرية فى المبادئ والفكر أو المنهج،ولكن بسبب الضيق من الرأى والرأى الأخر.
(د) الفجوة بين النظرية والتطبيق وبين القيم والشعارات والسلوك والممارسة السياسية للأحزاب وقياداتها.
(ح) عدم قومية الأحزاب والحركات المسلحة (جغرافيا – جهويا- إقاليميا – دينيا – طبقيا – فئوياً – إجيالاً).
(خ) ضعف الأحزاب إقتصاديا ما لم تكن مشاركة في السلطة حيث يتم إستغلال المال العام ومؤسسات الدولة في تمويل وتنفيذ برامج الحزب.

التباين داخل مكونات الحرية والتغيير والحركات المسلحة

(أ) رغبة البعض في إعادة هيكلة الدولة السودانية قبل إجراء الانتخابات ورغبة الأخر في إجراء إنتخابات في فترة قصيرة.
(ب) مدى قدرة مكونات قوى الحرية والتغيير في مواصلة العمل المشترك لتفكيك نظام الحكم البائد وبين ترويج كل حزب لبرنامجه السياسية وبمرجعياته الحزبية تمهيدا للإنتخابات.
(ج)كيفية ضمان عدم التأثير السياسي الحزبي فيما ترشحه أي من مكونات قوي إعلان الحرية (محاصصة غير مباشرة).
(د) دور تجمع المهنيين في مرحلة الإنتقال كقوي مدنية غير حزبية هدفها التأثير الإيجابي في الممارسة السياسية والتداول السلمي والديقراطي للسلطة وليس السعي نحو المشاركة في السلطة نفسها ليس فقط في الفترة الإنتقالية بل ما بعدها. وفي بناء نقابات ومنظمات مجتمع مدني قوية ومستقلة وواعية بدورها في السلام والتنمية والحكم الراشد.

الحرية والتغيير وصياغة مشروع سياسي ثوري لإحداث ثورة حقيقية؟

(أ) التعامل مع الثورة المضادة دون الانجرار تجاه أساليبها القائمة علي العنف
(ب) تقديم ممارسة وسلوك سياسي جديد تحول الشعارات إلى واقع معاش (عدم الإقصاء – الديمقراطية – إدارة التنوع – النزاهة والامانة – الشفاهية – المحاسبة – سيادة حكم القانون – تحمل النقد ونكران الذات – أدب الأستقالة لتحمل مسؤلية ما تجاه فعل سياسي يستحق المحاسبة.
(ج) تحول شامل لبنية الدولة والمجتمع سياسيا وإقتصاديا وأجتماعيا وثقافيا
(د) قدرة أحزاب قوي التغيير والحرية علي الصمود موحدة لقيادة التغيير وتحقيق التحول الديمقراطي.
(ح) كيفية ضمان عدم التأثير السياسي الحزبي من مكونات قوى إعلان الحرية وغيرها من القوى السياسية على الذين يرشحونهم من شخصيات مستقلة لتولي المناصب الوزارية أثناء تأدية واجباتهم التنفيذية؟
(خ) مقدرة الحرية والتغيير في التعامل مع المؤثرات الخارجية الإقليمية والدولية مثل (محور-السعودية-الامارات) مقابل محور(قطر-ايران-تركيا) المحور الافريقي (الإتحاد الإفريقي والإيقاد والمؤيدة للتغيير وإقامة حكومة مدنية) مقابل المحور العربي (جامعة الدول العربية وموقفها البين بين) –المحور الأفريقي-العربي والأفريقي-الأفريقي).

مطلوبات الإنتقال الناجح:

(أ) البحث عن القاسم المشترك الاعظم الذي يسمح بمواصلة قوى إعلان الحرية والتغيير متماسكة بالرغم من تباين مرجعياتها الفكرية الحزبية طيلة الفترة الإنتقالية
(ب) توحيد الممارسة والسلوك والخطاب السياسي من مختلف الاحزاب وتنظيمات المجتمع المدني، وقوى الحراك الثوري في بعض القضايا المحورية أهمها إصلاح المؤسسة العسكرية – قضية السلام – الديموقراطية – العدالة – الحرية – والسياسة الخارجية لإعادة السودان إلي وضعه الطبيعي بعيدا من سياسة المحاور والمحاور المضادة.
(ج) تعظيم دور الشباب وخلق ظروف سياسية ومدنية لإستغلال طاقات الشباب الثورية من أجل تثبيت الثورة وأهدافها المعبر عنها في قوى إعلان الحرية والتغيير وما ينتج عنها من وثائق ومؤسسات.
(د) إستمرار تجمع المهنيين في لعب دور المحرك للشارع ضد أى محاولات الثورة المضادة (لكننا نري ان تجمع المهنيين يعاني من مصاعب عديدة ونرجح تزايدها مستقبلا).
(ح) تعزيز أليات بناء الثقة من خلال العمل المشترك وبناء تحالفات إستراتيجية أو مرحلية بين مكونات قوي إعلان الحرية والتغيير تفاديا للإستقطابات لضمان فترة إنتقالية سلسلة تضع السودان في منصة الإنطلاق بلا عودة لفترة إنتقالية أخرى. (يتبع).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *