توقيعات على قبر (جون المعلم).. رسول الحب والإنسانية
الخرطوم: آيات مبارك
بالطبع إن افتتاح مكتبة كادقلي الثقافية وألوان جداريات المدينة ليست هي آخر أحلام جون الذي مات وهو يحلم بمشروع السودان الجديد.
لقد مات جون بعد أن وضع بصمته على جداريات المدينة وغطى بألوانه على آثار الحرب في باحة المدينة مستعيراً بعضاً من روحه لأجل أحلام صغارها التي أتاها نجم الدين، مبشرا بتأسيس مكتبة ثقافية فكرية عامة من أجل توطين المعرفة وزيّن جدارها بألوان السلام، الإ أن مطاياه غاب شراعها عند شلالات (كلبي) بمدينة كادقلي بولاية جنوب كردفان التي جاءها مبشراً بالسلام والتعايش السلمي مرسخاً لمبدأ التسامح و قبول الآخر ونابذاً للتفرقة والعنصرية متجاوزاً الحواضن الاجتماعية، لقد ذهب رافعاً شعار المحبة ونموذج عجائبي يتبنى قيم التسامح والتعايش.
ونجم الدين علي حامد الملقب بـ (نجم الدين جون) عضو اللجنة الإشرافية لطلاب الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال؛ قد اتفق زملاؤه وأصدقاؤه بأن يتم تسمية مكتبة كادقلي العامة باسمه (جون المعلم) تخليداً لذكراه وأصواته التي لا تزال ترن في أذن أصدقائه وهو يوصيهم (حبوا بعض يا شباب).
توقيع أول
نعته مبادرة دعم الحركة الثقافية الفكرية بمدينة كادقلي بكل حزن قائلة: (جاء إلى مدينة كادقلي حاملاً كتاب، لينشر روح التسامح والمحبة والسلام بعد أن أدى رسالته بأكمل وجه في معرض كتاب كادقلي الأول، أراد أن يودع كادقلي ولكن مات فيها، فلترقد روح رسول الإنسانية والمحبة بسلام).
توقيع ثانٍ
وكتب (أحمد ود اشتياق) على صفحته في (فيس بوك): جون الذي لم أعرف عنه إلا حبه للحياة والمرح كان كما المودع دوماً لا يحب أن يترك خلفه انطباعاً خاطئاً يبتسم للكل، يعتذر عن خطأ الآخرين كان يحرجني بالمحبة; يحتضنني كما لو كنت إبنه أو صديقه منذ الطفولة، جون الذي ومنذ الثورة اتخذ طريق السلام والعمل عليه في صمت وتفانٍ، متجولاً بين دارفور وجبال النوبة يعمل دون كلل وملل على نشر رسالة التعايش السلمي وضرورة الانتقال، جون لم يخن حنينه للبلاد والسلام والمناطق المتأثرة بالحرب وكأن تلك البلاد من فرط محبتها قررت احتضانه للأبد والاحتفاظ بآخر نبضة قلب لها وحدها.
توقيع ثالث
وكتبت عنه الروائية أستيلا قايتانو: ( خالص العزاء لكل شباب كادقلي الفاعل، لهذا الفقد الجلل لو تعلمون كيف كان نشيداً ومليئاً بالطاقة ومؤمناً بقدرة الكتب السحرية للتغيير وكيف هو ورفقائه حولوا ذكرى يوم كان مؤلماً مثل 6/6 في كادقلي، من ذكرى حرب إلى يوم للتعايش والسلام وتبادل المعرفة).
توقيع أخير
جون لقد خرجنا صباح الخميس على فجر حزين يخرج على استحياء، يلتحف عباءة العزاء، ويحمل فوق كتفه هموم المقهورين المنكسرين من الضعفاء.
عذراً جون، لم يعد في الأوراق مكان لكتابة قصص الألم، ولم تعد معنا ألوان تلون لون الدم النازف لترسم لوحة مشابهة، كل اللوحات وكل الجدران صارت باهتة ولكم شعرنا بمرارة في حلوقنا لأننا لم نستطع أن نقدم سوى الحسرات، ولم نستطع أن نمسح دمعة طفل لفراق أبيه، ولم نستطع تقديم شربة ماء لحلق قد أكله الجفاف، فإن ما يجري على الأرض يفضح زيف كل الادعاءات والشعارات فإن مشكلاتنا تكمن في المحاصصة والصراع على الكراسي والمناصب والمصالح والامتيازات.