الخميس, نوفمبر 21, 2024
مقالات

هل يبحث حمدوك عن رضا الإسلاميين ونجاح الثورة؟

بقلم: كومان سعيد

عمل الإسلاميون بعد استيلائهم على السلطة في السودان عبر انقلاب عسكري  في الثلاثين من يونيو من العام ١٩٨٩، على إعادة إنتاج الوعي الجمعي داخل بوتقة المشروع الحضاري الإسلامي العروبي. كان الهدف الكوني، ومازال للمشروع الحضاري الإسلامي العروبي، هو إنشاء مركزية حضارية إسلامية (عربية) موازية للمركزية الحضارية الغربية، مركزية ثقافية سياسية تطمح لإعادة إنتاج الوعي الجمعي الكوني داخل بوتقة الثقافة العربية والدين الإسلامي، ومركزية ثقافية عربية محلية على مستوى الدولة السودانية تعمل على تبديل هويات الكيانات الثقافية الإفريقية السودانية بالهوية الإسلامية العربية، مستخدمين الدين الإسلامي في الصراع السياسي. وقد عمل الإسلاميون العروبيون في السودان على اغتصاب الدولة والانقلاب على الشرعية الديمقراطية؛ فتم توظيف الدولة من قِبَلِ الإسلاميين توظيفاً ثقافياً أيديولوجياً إسلاموعروبياً، مدفوعين بالمشروع الحضاري الزائف؛ فبعد الاستيلاء على السلطة، كان الإسلاميون يعتبرون أي ثقافة غير العربية أو أي دين غير الإسلام خواءً ثقافياً دينياً يجب أن يتم ملؤه بالثقافة العربية الإسلامية والدين الإسلامي.

وعمل الإسلاموعروبيون السودانيين على إعادة إنتاج الوعي الجمعي السوداني، مستخدمين داخل أيديولوجيتهم الإقصائية عبر المناهج الدراسية كركيزة أساسية لأسلمة وتعريب السودانيين، فعملوا على محاربة الثقافات المحلية عبر الاستخدام الثقافي الأيديولوجي للدولة؛ فنشبت الحروب احتجاجاً على هذا الإقصاء السياسي، ليس فقط للمجموعات المختلفة ثقافياً ودينياً، وإنما سياسياً حتى في الشمال. لكن انفجار بركان ثورة ديسمبر كان قد وضع النهاية للتهور والطيش السياسي الإسلامي الذي عمل على فصل جزء عزيز من الوطن. السؤال الذي يطرح نفسه بعد أن نصبت الثورة العظيمة الدكتور عبدالله حمدك رئيساً للوزراء: لماذا هذا التخوف غير المبرر من الإسلاميين؟ أم هي فقط مزايدات من أجل المكسب السياسي في منبر جوبا التفاوضي؟ هل سيدفع السودانيون الثمن مجدداً في انفصال جزء عزيز من الوطن إرضاءً للإسلاميين؟ وهل للإسلاميين أي رؤية سياسية ديمقراطية تقوم على المواطنة وعدم التمييز الديني، العرقي، الثقافي؟ لا بكل تأكيد، ليس لديهم أي تصور لدولة مواطنة، لأن فلسفة الإسلاميين السياسية هي فلسفة تقوم في الأساس على التمييز الديني والعرقي بشكل رئيسي، فلماذا علينا إذن أن نحترم من لا يحترمون الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ لماذا علينا أن نعطي باسم الديمقراطية فرصة لأعداء الديمقراطية للوصول باسم الديمقراطية إلى مناطق قوى، وبتالي قتل ذات الديمقراطية التي أعطتهم الفرصة برسمها للوصول إلى مناطق قوى لقتلها؟ هذا يبدو غبياً وغير محترم إطلاقاً.

يجب علينا إذا أردنا أن نؤسس لتحول ديمقراطي قوي، أن نحترم الديمقراطية، وبالتالي أن نلتزم بأسس ومبادئ تقوم على فصل الهويات الدينية، الثقافية، العرقية عن الدولة، مبادئ فوق الدستور، يُحرَّم المساس بها أو تعديلها أو العبث بها.

لا بد من التعامل مع أعداء الديمقراطية بكل حزم، حتى نؤسس لتحول ديمقراطي قوي، يأخذ في الاعتبار التنوع والسياق السوداني الفريد جداً من نوعه.

يجب أن لا نخضع للإسلاميين فقد ولي زمانهم، ولأن الثورة وإرضاء الإسلاميين خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *