الأحد, أكتوبر 6, 2024
تقاريرمجتمع

الديمقراطية والفنون.. ثقافة الرضا والسلام الاجتماعي

الخرطوم: آيات مبارك

وصف د.كمال يوسف، الديمقراطية في الفن السوداني بأنها تعد الأكثر ممارسة دون غيرها من الاتجاهات الحياتية الأخرى في السودان، وقال إنها تتم بشكل انسيابي تعتمد فيه على القبول والأهلية بعيداً عن أي تعصب لقوميات أو عرقيات، متجاوزة حدود اللون.

 ودعا كمال، في الندوة التي أقامها مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية بمقره في الخرطوم بعنوان (الديمقراطية والفنون) يوم الأربعاء الماضي، لتضافر الجهود وخلق عملية متوازنة عبر التعامل مع الثقافة بصورة تحقق نوعاً من الرضا والسلام الاجتماعي.

تساؤلات

وطرح د. كمال يوسف، بعض التساؤلات حول معنى الديمقراطية مثل (هل هي ديمقراطية الفعل الثقافي؟ أم ديمقراطية المؤسسات؟ أم حرية الفعل والتعبير؟)، وأشار إلى أن الديمقرطية تعتبر فعلاً اجتماعياً وتبدأ من المنزل، وأن المحافظة عليها لا تقل أهمية عن تثبيتها.

الفنون وتجربة الاعتصام

 وأعاد د. كمال يوسف، تعريف الديمقراطية نسبة لما هو موجود  في أذهان الناس وارتباطها بأنظمة الحكم وصناديق الانتخاب، وأكد وجودها في الفنون بصورة حيّة، وذكر: (لكنها تفتقر إلى التأطير)، وتطرق لتجربة الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسحلة، ودور الفنون داخل ساحة الاعتصام واستخدام الأهازيج والأغنيات، وأضاف أن هنالك بعض المفردات التي ما زال لها أثر كبير، بعيداً عن قوة معناها، وإنما يعود إلى اللحن والايقاع الذي اصطحب تلك المفردات، مثل مفردة (مدنياااو) و(يا أخوانا الشاي.. الشاي بي جاي)، باعتبار أنها وجدت قبولاً في ساحة الديمقراطية بمعناها الحقيقي.

ودعا كمال، للعمل على تغيير المفاهيم المغلوطة عن الديمقراطية، وأبان أن هناك جانب آخر تتمثل فيه الديمقراطية وهو (الحياة اليومية) لبعض المجتمعات، وأعاب على الأجهزة الإعلامية عدم نقلها بصورة راتبة وتلقائية، ولفت إلى نقلها من أجل تجميل الصورة فقط، وقال: (من خلال ملاحظاتي فإن هنالك بعض المجتمعات تنظر إلى فنونها بدونية مقارنة بفنون بعض المجتمعات الأخرى، وإن المجتمع السوداني ككل ينظر إلى الفنون خارج القطر بأنها الأكثر تطوراً).

قدرة على التنافس

ووصف د. كمال يوسف، أدوار الأدوات التقليدية الفنية الاجتماعية بأنها لا تقل عن بعضها بمقدرتها على التنافس وقدرتها الفعّالة في جميع مناحي الحياة، وتابع: في العام ١٩٩٧م تم اختيار فنان الطمبور محمد البدري، من شرق السودان من ضمن (٢٠) فناناً عالمياً من قبل معهد العالم العربي بباريس، بسبب استخدامه لآلة الطمبور.

القبول والانتخاب

وتمسك كمال، بأهمية ترسيخ مفهوم الديمقراطية من أجل خلق درجة عالية من التوازن، ورأى أن أهلية الفنان هي التي تحدد وجوده وقبوله في المجتمع، وأردف: (أغنية الملحمة قصة ثورة من كلمات هاشم صديق وغناء محمد الأمين، هي خير دليل على الانتخاب  والقبول من الكل)، وزاد: (وهنا يبرز الدور التوافقي للديمقراطية ورسوخها في الفن الغنائي).

واستطرد كمال يوسف قائلاً: إن الأجسام السياسية يجب أن تتكون من أفراد تكون ممارسة الديمقراطية جزءاً من حياتهم، وردد أن معايير استخدام الديمقراطية تبدأ من المنزل وهي فعل اجتماعي وأن المحافظة عليه لا يقل أهمية عن تثبيته وتحمل تبعاته، واستدل بمقولة د. رياك مشار: (أنا لست بزعيم وعلي الميرغني ليس بزعيم والصادق المهدي ليس بزعيم، وإنما الزعيم هو محمد وردي).

واعتبر كمال يوسف، أن في ذلك الحديث دلالة على أن الزعامة تتم بالانتخاب التلقائي وهو ما يتمثل في الفنون، وذكر أن الديمقراطية موجودة بيننا، وفقط ما علينا سوى تأطيرها ومحاولة نقلها إلى الجانب السياسي، باعتبار أن الأحزاب تتعامل مع سياساتها بخطط مسبقة بعكس الفنون.

ونبه د. كمال يوسف، إلى وجود تجارب موسيقية للعديد من الدول التي تجعل الانتخاب يتم وفق القبول والأداء معتمدة على الموهبة فقط، ومضى للقول: (هذا ما نفتقده في النواحي الأخرى ويوجد في الفنون الشيء الذي يتطلب تضافر الجهود من جميع الاتجاهات من أجل خلق عملية متوازنة والتعامل مع الثقافة التي تخلق نوعاً من الرضا والسلام الاجتماعي).

يُذكر أن د. كمال يوسف، موسيقي معروف وعازف آلة الفلوت، وأستاذ سابق بكلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا، وهو أيضاً كاتب وباحث، نال درجة الدكتوراة في بحثه الموسم، بـ (النظام النغمي لموسيقى وسط السودان دراسة  تحليلية).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *