العنف ضد النساء.. عوائق الإبلاغ وتحديات الوصول إلى العدالة
نيروبي: مدنية نيوز
تعرضت النساء السودانيات خلال الحرب المشتعلة في البلاد بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع الى العديد من الإنتهاكات التي دمرت حياتهن، بالإضافة الى التشرد، والنزوح والجوع والمرض الذي واجهنه خلال رحلة الفرار من مكان الى آخر، ورغم أن النساء كن أبرز الضحايا للحرب إلا أنهن واجهن الكثير من المشاكل الإجتماعية والقانونية التي حالت دون إنصافهن وحفظ كرامتهن، مع شكاوى مستمرة من الأجسام والمنظمات الممثلة للنساء حول وجود عوائق تحول دون الإبلاغ عن العنف القائم على النوع والوصول إلى العدالة، بجانب تحفظ بعض الأسر على التبليغ ضد حالات الاختفاء ما حال دون توجد تقديرات حقيقية لحالات الإختفاء القسري وسط النساء.
الإفلات من العقاب:
وسجلت العديد من المنظمات النسوية ومجموعات المتطوعين الالاف من الانتهاكات التي وقعت على النساء، لكن الإنتهاكات التي تم التبليغ عنها كانت أقل بكثير من الواقع بسبب تحديات الإبلاغ والوصول الى أجهزة العدالة، بجانب الوصمة الإجتماعية والخوف من تجريم الضحايا بسبب القصور القانوني الذي تعاني منه الدولة، الأمر الذي يساهم حسب قانونيين في افلات الجناة من العقاب وضياع حقوق الضحايا ،وتشجيع المجرمين على إرتكاب المزيد من الجرائم والاعتداءات
نداءً عاجل:
وفي هذا الصدد قالت سفارة هولندا في تصريح على صفحته بموقع فيسبوك الأربعاء الماضي، إنها شاركت مؤخرا في إجتماع مؤثر مع مديرة الطوارئ في صندوق الأمم المتحدة للسكان، شوكو أراكاكي، ومنظمات تقودها نساء سودانيات في بورتسودان، مضيفة أن النساء السودانيات وجّهن نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي للتصدي للمخاطر المتزايدة للعنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي، الذي يؤثر بشكل خاص على النساء النازحات والمقيمات في مناطق النزاع.
وأضافت أن من أبرز القضايا التي تم طرحها: وجود عوائق تحول دون الإبلاغ عن العنف القائم على النوع والوصول إلى العدالة، وعدم القدرة على تسجيل الأطفال المولودين نتيجة الاغتصاب، والمخاطر المرتفعة للعنف الجنسي على طرق الهجرة، بجانب رسوم التسجيل الجديدة للمنظمات غير الحكومية (300 دولار أمريكي) التي تعيق تقديم الدعم.
وأضافت السفارة: “رسالة النساء كانت واضحة: تنسيق أقوى، تمويل مرن وفي الوقت المناسب، تركيز على الوقاية وليس فقط الاستجابة، وضمان تمثيل النساء في جهود المناصرة وصنع القرار”، وأشارت إلى إن الإستماع إلى أصوات النساء السودانيات كان مفيداً ومهماً، و”كهولندا، نؤكد التزامنا بالوقوف بجانبكن.
الوصمة المجتمعية:
من جھته أعلن وزير الداخلية رئيس الآلية الوطنية لحماية المدنيين خليل باشا سايرين، في لقاء تنويري برئاسة الشرطة في بورتسودان، إهتمام الحكومة بقضايا النساء، مبينا أن الإنتهاكات والعنف ضد النساء قضية تحظى بإهتمام، وتشكِّل أولوية لدى للعالم، فيما دعا رئيس النيابة بولاية البحر الأحمر،و مشرف لجنة التحري والتحقيق الفكي الضو المواطنيين كافة المتضررين ولاسيما النساء الذين تعرضوا لانتهاكات من الدعم السريع للتبليغ لدى اللجنة، مشيرا الى سرية الاجراءات القانونية والضمانات التي تقدمها اللجنة للاقبال على العدالة لشريحة النساء اللاتي تعرضن لانتهاكات. وقال ان ما حال دون اتخاذ وتسريع الاجراءات القانونية ضد مرتكبي الجرائم ضد مجتمع النساء هو طبيعة المجتمع السوداني الذي يرفض التبليغ على الجرائم سيما الجرائم الجنسية خوفا من الوصمة المجتمعية
أكثر الشرائح تضرراً:
وأضاف انه رغم ذلك اجتهدت اللجنة فى الوصول الى الضحايا في أماكنهم، وأشار إلى إن فريقا من وكيلات النيابة يعملن في مدينة بورتسودان في مراكز النزوح لتلقي الشكاوى واتخاذ الاجراءات القانونية، بجانب مجموعة من ضابطات الشرطة المتخصصات في قضايا العنف ضد المرأة والطفل والاسرة، مبينا ان عملهم يمثل إحدى أدوات اللجنة الوطنية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد الذين إعتدوا على شريحة النساء، وقال إن شريحة النساء كانت اكثر قطاعات المجتمع تضررا من الانتهاكات، وان جميع انواع الانتهاكات والجرائم التي نص عليها القانون الدولي الانساني، والقوانيين السودانية، قد مارستها الدعم السريع ضد شريحة النساء من عنف جنسي ممنهج، وإستعباد جنسي، وتهجير.
1392 حالة عنف جنسي
من جهتها كشفت عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات الدعم السريع روضة ادريس عن إحصائىات الدعاوى التي قيدت بشأن الانتهاكات وبلغت 120.366 دعوى أحيل منها نحو 3980 للنظر، وأشارت إلى أنها ترتبط بالتعدي ونهب البنوك والمستشفيات والنيابات والسجون والمستشفيات وبقية المرافق الخدمية. كما انه تم التبليغ عن 490 الف جملة الاعتداءات على الأعيان المدنية، واوضحت روضة أنه تم رصد 1392 حالة عنف جنسي ضد النساء في ولايات الجزيرة والخرطوم ودارفور وكردفان والنيل الابيض وشملت تلك الاعتداءات اغتصاب جماعي وزواج قسري، ونوهت الى أن الدعم السريع استخدمت العنف الجنسي كسلاح للتهجير القسري وإشاعة الفوضى والإهانة والإذلال وأن تلك الحالات شملت قاصرات وفتيات وأنه بحسب القانون فإنها تعتبر جرائم ضد الإنسانية. وذكرت أن النيابة العامة أصدرت منشور يتم بموجبه معالجة المرأة دون اورنيك 8.
وأشارت إلى أن ما تم رصده يشكل 2% فقط من نسبة الجرائم المرتكبة وأنهم يعملون مع منظمات المجتمع المدني للوصول إلى الضحايا في أماكنهم.
ساحات المحاكم:
وفي المقابل قالت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سليمى اسحق إن الوصمة ليست السبب الاساسي لعدم الابلاغ عن الانتھاكات التي تواجھها النساء خاصة في القضايا المرتبطة بالعنف الجنسي، ولفتت الى وجود إستجابة في عدد من المناطق الأمنة للتبيلغ عن العنف المرتبط بالنوع الإجتماعي، ونوھت الى وصول عدد كبير من القضايا الى ساحات المحاكم دُونت من الاسر والشرطة ضد إنتھاكات لشابات اكبر من 18 عاما، مما يعني ان الوصمة الاجتماعية ليست العقبة الوحيدة في الابلاغ ولكنھا اشارت الى ان الوصمة قد تكون عقبة كبرى في ولايات اخرى كولاية الجزيرة.
عائق أمام التبليغ:.
واضافت سليمى في حديث لـ”مدنية نيوز” ان المشكلة الأكبر في قضية الابلاغ ھو عدم المعرفة بالخدمات، وشددت على ضرورة التوعية الاعلامية وتوضيح اماكن الخدمات، وذكرت ان حصار الضحايا في مناطق الحرب وصعوبة عدم وصولھم لمراكز الخدمات يمثل ايضا عائقا امام التبليغ عن الانتھاكات ورأت ضرورة توفر خطوط ساخنة مجانية، وقالت ان الوحدة تعمل من اجل توفر خطوط اتصالات مجانية تتحمل تكلفتھا الوحدة مع شركات الاتصالات.
واكدت ان بعض الاسر تتحفظ على التبليغ ضد حالات الاختفاء لذلك لا توجد تقديرات حقيقية لحالات الاختفاء القسري وسط النساء>
الإغتصاب والإختطاف:
واشارت سليمى الى ان المرأة السودانية تواجه منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع إشكالات متعددة من المعاناة المستمرة، ومصاعب النزوح اليومي بجانب قتل النساء والبنات، والإعتداء الجنسي عليهن وتشريدهن من ديارهن وتدمير احلامهن، بالاضافة الى الاعتداءات الجنسية، والإختطاف وسط تزايد حالات الاغتصاب، ولفتت الى ان التقارير اشارت الى تسجيل عدد كبير من حالات الانتحار وسط الفتيات.
الناجيات:
وقالت سليمى ان عدد الناجيات وصل الى 1138 ناجية، واضافت ان اعمار الناجيات تتراوح بين عمر 85 الى 6 سنوات، وأكدت اليونسيف في تقرير لها أن هناك 5 ناجيات أعمارهن سنة واحدة، وقالت ان العنف الجنسي الذي تستخدمه الدعم السريع ضد النساء كسلاح رخيص وخطر لانه يفكك المجتمعات ويطول أمد الحرب بمنع السلام المجتمعي، وهو السلام يصنعه الناس وليس السلام الذي تصنعه طاولة المفاوضات. ورأت ضرورة تحديث الأدوات للابلاغ لضمان عدم الإفلات من العقاب..