الأزمة السودانية والتنافس الخليجي (15)
بقلم: حسين سعد
نتابع في المحور التاسع والعشرون من سلسلة حلقاتنا التي نحاول من خلالها متابعة الازمة السودانية والتطورات الاقليمية والعالمية والمحلية،نتابع إهتمام دول الخليج العربي بالقرن الافريقي وحضورهم الاقتصادي بالقارة السمراء،وبحسب الدكتورة أمينة العريمي في كتابها (الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي) قبل العام 2015 كانت دول مجلس التعاون الخليجي ترى ان حضورها الاقتصادي في افريقيا عامة و في القرن الافريقي خاصة يتفوق على حضورها السياسي و يرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها عدم الاستقرار السياسي لبعض الدول الأفريقية و بروز الصورة السلبية و المغلوطة و غير العادلة في الذهن الخليجي عن الدول الأفريقية مما أعاق العمل السياسي الخليجي في الساحة الأفريقية فالسياسة الخليجية، وان كانت قد نجحت إلى حد ما في تدشين بعض المشاريع الاستثمارية في دول القرن الافريقي و التي ساعدت في إنعاش جزئي لتلك الدول اقتصاديا إلا ان دول مجلس التعاون الخليجي لم توظف تلك الاستثمارات بما يخدم مصالحها السياسية إلا بعد ان وجدت نفسها على خط المواجهة العسكرية مع طهران في جنوب الجزيرة العربية جمهورية اليمن.
تنافس خليجي..
وتمضي الدكتورة أمينة في كتابها بالقول بالرغم من اختلاف الرؤى السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي إلا ان اندلاع عاصفة الحزم فرضت على دول الخليج العربي في فترة من الفترات ضرورة العمل و التنسيق ككيان واحد لحماية امنها القومي الذي بات على المحك و كان يراودني حينها ذات السؤال الذي كان يراود المواطن الخليجي هل ستستمر دول الخليج العربي في القرن الافريقي تعمل ككيان واحد و هي تعيش أزمة ثقة بسبب اختلاف الرؤى السياسية بين أعضائها خاصة ان هناك دولا عربية تعول على الدور الخليجي في القرن الأفريقي لدعم ملفها الأمني (المملكة المغربية و قضية الصحراء الغربية ) ودولا عربية أخرى تنظر بعين القلق من التواجد الخليجي في القرن الأفريقي ،مرت أحداث جسام على منطقة القرن الإفريقي ساهمت بشكل دقيق في ارتفاع موجة التنافس الخليجي على تلك المنطقة و الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة بين أعضائه فتخلى ذلك التنافس عن معناة و بات اليوم أشبه بصراع وجودي أصاب أبناء الخليج العربي قبل منظومتهم الخليجية في مقتل
من أهم تلك الأحداث التي أثرت و تأثرت بها دول القرن الإفريقي و إنعكس تأثيرها بشكل أو بآخر على السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي و رؤيتها الإستراتيجية لدول القرن الإفريقي خصوصا هي:
. المصالحة الإثيوبية الأرترية 2018
. تضاعف التنظيمات الإرهابية
. مستقبل التواجد التركي في القرن الأفريقي
. الثورة السودانية 2019ج
أهم الاتفاقيات المبرمة بين دول الخليج العربي و دول القرن الأفريقي
الكويت والبحرين..
وقدمت الدكتورة أمينة في كتابها المشاريع الاقتصادية لدول الخليج العربي بالقارة السمراء ،ودشنت دولة الكويت و من خلال صندوق الكويت للتنمية ثلاثة مشاريع رئيسية في إثيوبيا بقيمة(203.000.000).مليون دولار، مثل مشروع تأهيل طريق بري بتكلفة (64)مليون دولار ، و مشروع طريق ديسي – كوتابر – تقاطع تناتا بقيمة(84) مليون دولار ، و في العام 2015 إنطلق مشروع أكسوم لإمدادت المياه بقيمة (55) مليون دولار. وفي العام 2014 أفتتح في الصومال و بتمويل من المؤسسة الخيرية الملكية مستشفى مملكة البحرين الوطني التخصصي لتحسين الخدمات الطبية، و مجمع مملكة البحرين التعليمي لدعم التعليم في الصومال و الذي يشمل جامعة الصومال الوطنية بالإضافة إلى معهد العلوم المالية و المصرفية و مركز البحرين لطب و جراحة العيون.
سلطنة عمان..
وبحسب الدكتورة امينة فقد شهدت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في أبريل 2016 إنطلاق معرض أوبكس للمنتجات العمانية بمشاركة أكثر من 100 شركة عمانية تمثل قطاعات مختلفة إلى جانب مشاركة عدد من المؤسسات الحكومية، فمسقط تجد في شرق أفريقيا مجالا لتوزيع منتجاتها، خاصة ان السوق الإثيوبي من اكثر الاسواق نموا على مستوى القارة الأفريقية، وتم توقيع ثلاث اتفاقيات تكون بموجبها إثيوبيا نقطة عبور لتسويق المنتجات العمانية إلى الدول الأفريقية و بلغت قيمة التجارة غير المباشرة بين مسقط و أديس ابابا ما يتجاوز ال80 مليون دولار و في اكتوبر 2016 اكدت شبكة (C.N.N)
ان “عمانتل” و هو المشغل الوطني العماني للإتصالات وافق على بناء كابل تحت سطح البحر يربط مدينة صلالة في سلطة عمان بميناء بربرة في ارض الصومال (صومالاند) و ميناء بيصاصو في (بونتلاند) و سيشمل إثيوبيا خاصة ان نظام (G2A) الذي سيربط الخليج بأفريقيا سيتم تطويره بالشراكة مع الإتصالات الإثيوبية و إتصالات جوليس و شركة تيليسوم.
نجحت سلطنة عمان في تدشين المدينة الصناعية في ميناء الدقم العماني بالتعاون مع الصين، و التي يثبت انها ماضية في تنفيذ إستراتيجيتها التي أطلق عليها “عقد اللؤلؤة ” فبكين تهدف إلى ربط مصالحها بين الموانئ الأسيوية و الموانئ الافريقية خاصة انها تمتلك قاعدة عسكرية في جيبوتي لبناء طريق حرير بحري عبر المحيط الهندي أما بالنسبة لسلطنة عمان فميناء الدقم العماني يسير بخطى ثابتة في ظل تزاحم القوى الدولية و الإقليمية عليه التي تسعى لضمان موقع للتموين و الصيانة في المحيط الهندي و هذا ما سيمكن مسقط من إستعادة موقعها التاريخي كمركز بحري لسواحل المحيط الهندي خاصة ان المزاج العماني محكوم بالنزعة التاريخية الإستقلالية.
دبلوماسية المؤاني..
التنافس الخليجي- الخليجي، إنعكس علي دول القرن الافريقي حيث تمت إعادة اكتشاف الأهمية الجيوستراتيجية لهذه المنطقة،والتي عرفت مؤخرًا بـ(دبلوماسية الموانئ)، حيث أصبح هدف الحصول على إدارة الموانئ، وإنشاء القواعد العسكرية،واستئجار الموانئ من الدول الواقعة على ساحل الغربي للبحر الأحمر- من مظاهر الأزمة الخليجية، وفي هذا الإطار وقعت الإمارات العربية المتحدة عبرذراعها الاقتصادية شركة (موانئ دبي العالمية)، في ديسمبر2015م ، اتفاقًا مع جمهورية (أرض الصومال) لتطوير ميناء (بربرة)، غير أنها كشفت في مارس 2018عن اعتزامها إنشاء قاعدة عسكرية هناك بدون موافقة الحكومة الفيدرالية في مقديشو، وهو ما فجّر أزمة دبلوماسية مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو، وتم نقل الأمر إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الإقليمية،في وقت تسيطر فيه أبوظبي على موانئ مصوع وعصب الأريتيريين، إلى جانب السيطرة على ميناء عدن باليمن،وهناك الانخراط التركي تجاه القرن الإفريقي والبحر الأحمر على وجه الخصوص،والشاهد علي ذلك الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أروغان إلى السودان، والتي شملت أيضًا تشاد وتونس في ديسمبر 2017، حيث وقّع مع النظام البائداتفاقًا لإعادة ترميم جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر شرق السودان.
علاقات تاريخية..
ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻀﻴﻒ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻟﻬﺎ ﺑﻌﺜﺘﻴﻦ ﻟﺪﻭﻝ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ2. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﻣﻠﻔﺘﺎً ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ، ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺩﻭﺭﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻭﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ، ﻭﺃﺭﻳﺘﺮﻳﺎ، ﻭﺟﻴﺒﻮﺗﻲ ﻭﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ. ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻧﺨﺮﺍﻁ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﻼﻋﺒﻴﻦ ﺍﻷﻓﺎﺭﻗﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻱ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ، ﻭﺳﺮﻋﺔ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻬﺎ ﻭﻛﺜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻱ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻟﺒﺬﻟﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؛ ﻓﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2011، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ. ﻭﺛﻤﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻭﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺗﺮﻛﻴﺎ، ﻭﺗﺮﺳﻞ ﻣﺌﺎﺕ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺗﺤﻮﻳﻼﺕ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﻟﻰ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻤﺎﻧﺤﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ، ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻣﺘﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ.
ﻭﻗﺎﺩﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ. ﻭﺍﻗﺘﻄﻌﺖ ﻗﻄﺮ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﻨﻔﻮﺫ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻷﻟﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻮﺳﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻨﺎء ﻭﻗّﻌﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﺊ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺗﻴﺔ، ﻣﻮﺍﻧﺊ ﺩﺑﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ﺍﺗﻔﺎﻗﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2006 ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻣﻴﻨﺎء ﺩﻭﺭﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺟﻴﺒﻮﺗﻲ. ﻭﺑﻨﺖ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﻧﺤﺎء ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻲ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻨﻔﺬ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮﺍﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺑﻜﻠﻔﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﻌﺾ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﻴﻦ. (يتبع)