العطش يهدد المساحات التي تمت زراعتها بالجزيرة
كتب.. حسين سعد
كشف مزارعون بمشروع الجزيرة والمناقل عن شح في مياه ري المحصولات الزراعية بالعروة الصيفية الحالية
وقال المزارعون في حديثهم مع مدنية نيوز من أقسام الأوسط والشمالي والشمالي الغربي
ان السلطات اغلقت ترعة الجزيرة المصدر الرئيسي لمياه ري المحصولات الزراعية بالجزيرة
وأوضح المزارعون الذين فضلوا حجب اسمهم ان أراضيهم الزراعية تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع التي دخلت الجزيرة في ديسمبر ٢٠٢٤م اوضحوا انهم زرعوا مساحات صغيرة جدا بمحصولي الذرة والبصل للبقاء على قيد الحياة لكن تلك المساحات انقطعت عنها المياه تماما
وكانت مدنية نيوز قد نشرت في يونيو الماضي تقرير عن تناقص المساحات الزراعية بالسودان بسبب الحرب وتمددها في مناطق الانتاج الزراعي والحيواني مثل الجزيرة وكردفان ودارفور والنيل الأزرق، وتسبب تمدد هذه الحرب بالقضاء على الموسم الزراعي وخروج خروج نحو 3 ملايين فدان من الأراضي الزراعية عن الإنتاج، ودخول أكثر من 800 ألف مزارع في دائرة العوز الغذائي، بسبب الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 والمجاعة تهدد نحو 25 مليون مواطن بالمجاعة.
فضلا عن نزوح ولجوء أكثر من 13 مليون سوداني ، مما تسبب في تعطيل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي في معظم أنحاء السودان، بالاضافة إلى ازدياد معاناة السكان الذين يعتمد أكثر من 65 بالمئة منهم على الزراعة والرعي بشكل كامل.
وفي وقت سابق قال وزير الزراعة، أبو بكر عمر البشرى، إن الموسم الزراعي الصيفي الحالي يواجه تحديات عدم الاستقرار الأمني وصعوبة إيصال المدخلات الزراعية إلى الولايات التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع
وأضاف أن المساحات التأشيرية التي تستهدف زراعتها هذا الموسم تقلصت إلى 36 مليون فدان من أصل 60 مليوناً ما قبل اندلاع الحرب، بخروج مناطق زراعية كبيرة في ولايات دارفور وجزء من ولاية الجزيرة في وسط البلاد.
وتوقع الوزير في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تتم زراعة البلدات خارج نطاق الحرب، ويمثل القطاع المروي فيها أكثر من 85 في المائة… ورغم ذلك يقول: «لن تحدث مجاعة في البلاد»، مضيفاً أن المخزون الاستراتيجي من الذرة يتجاوز المليون طن، وهنالك كميات كبيرة بحوزة المواطنين والتجار يصعب حصرها.
وفي الاثناء قال مساعد المدير العام للبنك الزراعي فيصل حسن إنه «للمرة الأولى منذ 100 عام، لن تتم زراعة مشروع الجزيرة، وسيؤثر هذا على الإنتاج الزراعي في البلاد»، لكنه استبعد «أن يؤدي هذا الخلل إلى حدوث مجاعة».
وأضاف أن اجتياح قوات «الدعم السريع» ولاية سنار أدى إلى نزوح المزارعين والعمال في ولاية تضم مشاريع مهمة تبلغ المساحات المزروعة منها سنوياً 5 ملايين فدان، وأن خروجها في الموسم الصيفي سيؤدي إلى ضعف الإنتاج.
وأشار إلى أن استمرار الحرب «سيعطل زراعة 4 ملايين فدان على الأقل في إقليم دارفور (غرب البلاد) بمحاصيل الحبوب الزيتية يتم تصديرها إلى دول في المنطقة تعتمد على 60 في المائة من منتجات السودان في تصنيع الزيوت».
وفي المقابل أعلنت منصة «السودان للزراعة والأمن الغذائي» في أحدث تقرير لها في يونيو الماضي «أن الإعداد للموسم الزراعي ضعيف واحتمالية فشله أكبر، وأن المزارعين هجروا بلداتهم في معظم ولايات غرب السودان والجزيرة والخرطوم، كما توقفت إمدادات المدخلات الزراعية بسبب إحجام البنوك التي تمول النشاط الزراعي، إضافة إلى ضعف دور الحكومة الاتحادية في دعم العمليات الزراعية».
وأفادت المنصة «بأن المساحات الزراعية تدنت إلى نحو 25 في المائة في كل البلاد».
بدوره، قال محافظ «مشروع الجزيرة» إبراهيم مصطفى لــ«الشرق الأوسط»، إنه تمت زراعة قرابة 400 ألف فدان من الذرة والفول السوداني في بعض المناطق بمشروع المناقل الزراعي بوسط البلاد، وهنالك تنسيق مع وزارة الري لحل مشاكل الآليات لإجراء عمليات تنظيف وتطهير قنوات المياه.
وذكر أنه كان من المقرر زراعة 1.5 مليون فدان في المناقل الذي يعد امتداداً لـ«مشروع الجزيرة» لكن جرى تقليصها إلى 550 ألف فدان.
وقال مصطفى إن قوات «الدعم السريع» بعد سيطرتها على ولاية الجزيرة في ديسمبرالماضي، «دمرت مركز البحوث، وأبادت محاصيل عمرها 70 عاماً»، وعدّ ذلك «خسارة كبيرة للدولة والمزارعين لا يمكن تعويضها».
وأضاف أنه «تم نهب المخازن وسرقة الآليات الزراعية ومعدات الورش والمحولات، وكميات كبيرة من الحبوب الزراعية، كما تخريب منظومة الري بالكامل».
للمرة الأولى منذ 100 عام، يخرج «مشروع الجزيرة» قسراً عن الدورة الزراعية بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»… المشروع الذي يعد الأكبر في البلاد، على مساحة أكثر من 2.2 مليون فدان، يساهم بنحو 65 في المائة من إنتاج البلاد من الذرة والقمح والقطن والمحاصيل البستانية، وهو ما عمق الأزمة الإنسانية في ظل مؤشرات تلوح في الأفق بحدوث مجاعة وشيكة يتضرر منها نصف سكان السودان
وتقدر مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بولاية سنار أكثر من 3.2 مليون فدان طبقا للإحصائيات الرسمية لوزارة الزراعة، ويقدر انتاج الذرة، الغذاء الرئيسي للسودانيين، فيها بحوالي 13 مليون جوال.
وقبل أسبوعين حذرت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة وهي منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي من التدهور السريع في أوضاع الشعب السوداني، وخصوصاً الأطفال، مع انهيار الأمن الغذائي جراء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام، وأكدت ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وتجديد الجهود الدولية – الدبلوماسية والتمويلية – وكذلك إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق وبشكل مستدام، لتمكين توسيع نطاق أعمال الإغاثة الإنسانية والسماح للوكالات بإنجاز عملها بالسرعة المطلوبة.